الإمام الصادق عليه السلام :
احتجاج عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال
احتجاج عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال
لمّا بويع أبو بكر و استقام له الأمر على جميع المهاجرين و الأنصار، بعث إلى فدك من أخرج وكيل فاطمة بنت رسول اللّه منها. فجاءت فاطمة عليها السلام إلى أبي بكر فقالت يا أبا بكر لم تمنعني ميراثي من أبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و أخرجت وكيلي من فدك و قد جعلها لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بأمر اللّه تعالى. فقال هاتي على ذلك بشهود. فجاءت بأم أيمن، فقالت لا أشهد يا أبا بكر حتّى أحتجّ عليك بما قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، أنشدك باللّه أ لست تعلم أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال إنّ أمّ أيمن امرأة من أهل الجنة فقال بلى. قالت فأشهد أنّ اللّه عزّ و جلّ أوحى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ
فجعل فدك لفاطمة بأمر اللّه. و جاء عليّ فشهد بمثل ذلك. فكتب لها كتابا و دفعه إليها. فدخل عمر، فقال ما هذا الكتاب فقال إنّ فاطمة ادّعت في فدك و شهدت لها أمّ أيمن و عليّ فكتبته. فأخذ عمر الكتاب من فاطمة فمزقه. فخرجت فاطمة عليها السلام تبكي.
فلمّا كان بعد ذلك جاء عليّ عليه السلام إلى أبي بكر و هو في المسجد و حوله المهاجرون و الأنصار فقال يا أبا بكر لم منعت فاطمة ميراثها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و قد ملكته في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فقال أبو بكر إنّ هذا فيء للمسلمين، فإن أقامت شهودا أنّ رسول اللّه جعله لها، و إلّا فلا حقّ لها فيه. فقال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه و آله يا أبا بكر تحكم فينا بخلاف حكم اللّه في المسلمين قال لا. قال فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه ثم ادّعيت أنا فيه، من تسأل البينة قال إيّاك كنت أسأل البيّنة. قال فما بال فاطمة سألتها البيّنة على ما في يدها و قد ملكته في حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بعده، و لم تسأل المسلمين البيّنة على ما ادعوها شهودا كما سألتني على ما ادعيت عليهم فسكت أبو بكر، فقال عمر يا عليّ دعنا من كلامك، فإنّا لا نقوى على حجّتك، فإن أتيت بشهود عدول، و إلّا فهو فيء للمسلمين، لا حقّ لك و لا لفاطمة فيه. فقال عليّ عليه السلام يا أبا بكر تقرأ كتاب اللّه قال نعم.
قال أخبرني عن قول اللّه عزّ و جلّ
إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً
فينا نزلت أو في غيرنا قال بل فيكم. قال فلو أنّ شهودا شهدوا على فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بفاحشة ما كنت صانعا بها قال كنت أقيم عليها الحدّ كما أقيم على سائر نساء العالمين قال كنت إذا عند اللّه من الكافرين. قال و لم قال لأنّك رددت شهادة اللّه لها بالطهارة و قبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكم اللّه و حكم رسوله أن جعل لها فدك و قبضته في حياته، ثم قبلت شهادة أعرابيّ بائل على عقبيه عليها، و أخذت منها فدكا، و زعمت أنّه فيء للمسلمين، و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله البيّنة على المدّعي و اليمين على المدّعى عليه، فرددت قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله البيّنة على من ادّعى و اليمين على من ادّعي عليه. قال فدمدم الناس و أنكر بعضهم و قالوا صدق و اللّه عليّ، و رجع عليّ عليه السلام إلى منزله.
قال و دخلت فاطمة عليها السلام المسجد، و طافت على قبر أبيها، و هي تقول قد كان بعدك أنباء و هنبثة لو كنت شاهدها لم تكثر الخطبإنّا فقدناك فقد الأرض وابلها و اختلّ قومك فاشهدهم فقد نكبواقد كان جبريل بالآيات يؤنسنا فغاب عنّا فكلّ الخير محتجبقد كنت بدرا و نورا يستضاء به عليك تنزل من ذي العزّة الكتبتهجّمتنا رجال و استخفّ بنّا إذ غبت عنّا فنحن اليوم نغتصبفسوف نبكيك ما عشنا و ما بقيت منّا العيون بتهمال لها سكب قال فرجع أبو بكر و عمر إلى منزلهما، و بعث أبو بكر إلى عمر ثم دعاه، فقال أ ما رأيت مجلس عليّ منّا في هذا اليوم و اللّه لئن قعد مقعدا مثله ليفسدنّ أمرنا، فما الرأي. قال عمر الرأي أن نأمر بقتله. قال فمن يقتله قال خالد بن الوليد. فبعثا إلى خالد فأتاهم. فقالا له نريد أن نحملك على أمر عظيم. فقال احملوني على ما شئتم، و لو على قتل عليّ بن أبي طالب. قالا فهو ذاك. قال خالد متى أقتله قال أبو بكر احضر المسجد و قم بجنبه في الصلاة، فإذا سلّمت قم إليه و اضرب عنقه. قال نعم. فسمعت أسماء بنت عميس و كانت تحت أبي بكر فقالت لجاريتها اذهبي إلى منزل عليّ و فاطمة عليهما السلام و أقرئيهما السلام،
و قولي لعليّ
إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ.
فجاءت الجارية إليهم فقالت لعليّ إنّ أسماء بنت عميس تقرأ عليك السلام و تقول
إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِين
َ. فقال أمير المؤمنين عليه السلام قولي لها إنّ اللّه يحول بينهم و بين ما يريدون. ثمّ قام و تهيّأ للصلاة، و حضر المسجد، و صلّى لنفسه خلف أبي بكر، و خالد بن الوليد بجنبه و معه السيف، فلمّا جلس أبو بكر للتشهد ندم على ما قال و خاف الفتنة، و عرف شدّة عليّ و بأسه، فلم يزل متفكّرا لا يجسر أن يسلّم، حتّى ظنّ الناس أنّه سها. ثمّ التفت إلى خالد و قال يا خالد لا تفعلن ما أمرتك، السلام عليكم و رحمة اللّه و بركاته. فقال أمير المؤمنين عليه السلام يا خالد ما الّذي أمرك به. قال أمرني بضرب عنقك. قال أ و كنت فاعلا. قال إي و اللّه لو لا أنّه قال لي لا تفعله قبل التسليم لقتلتك. قال فأخذه عليّ فجلد به الأرض، فاجتمع الناس عليه. فقال عمر يقتله و ربّ الكعبة. فقال الناس يا أبا الحسن اللّه اللّه، بحقّ صاحب القبر. فخلّى عنه،
ثمّ التفت إلى عمر فأخذ بتلابيبه فقال يا ابن صهاك و اللّه لو لا عهد من رسول اللّه و كتاب من اللّه سبق لعلمت أيّنا
أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً
و دخل منزله.
تفسير قمى فس أبي، عن ابن أبي عمير، عن عثمان بن عيسى و حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه عليه السلام مثله. و فيه فأخذ عمر الكتاب من فاطمة عليها السلام فمزّقه، و قال هذا فيء المسلمين، و قال أوس بن الحدثان و عائشة و حفصة يشهدون على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بأنّه قال إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث، ما تركناه صدقة، و أنّ عليّا زوجها يجرّ إلى نفسه، و أمّ أيمن فهي امرأة صالحة لو كان معها غيرها لنظرنا فيه. فخرجت فاطمة صلوات اللّه عليها من عندهما باكية حزينة، فلمّا كان بعد هذا جاء عليّ.
و فيه بعد قوله لها نغتصب
فكلّ أهل له قربى و منزلة عند الإله على الأدنين يقتربأبدت رجال لنا نجوى صدورهم لما مضيت و حالت دونك الكتبفقد رزينا بما لم يرزه أحد من البريّة لا عجم و لا عرب
و قد رزينا به محضا خليقته صافي الضرائب و الأعراق و النسبفأنت خير عباد اللّه كلّهم و أصدق الناس حين الصدق و الكذب
و فيه بعد البيت الأخير
سيعلم المتولّي ظلم حامتنا يوم القيامة أنّا كيف ننقلب