الإمام العسكري عليه السلام :
و أما كلام الذراع المسمومة فإن رسول الله ص لما رجع من خيبر إلى المدينة و قد فتح الله له جاءته امرأة من اليهود قد أظهرت الإيمان، و معها ذراع مسمومة مشوية فوضعتها بين يديه، فقال رسول الله ص ما هذه قالت له بأبي أنت و أمي يا رسول الله همني أمرك في خروجك إلى خيبر، فإني علمتهم رجالا جلدا، و هذا حمل كان لي ربيته أعده كالولد لي، و علمت أن أحب الطعام إليك الشواء، و أحب الشواء إليك الذراع، فنذرت لله لئن [سلمك الله منهم لأذبحنه و لأطعمنك من شواء ذراعه، و الآن فقد] سلمك الله منهم و أظفرك بهم، فجئت بهذا لأفي بنذري. و كان مع رسول الله ص البراء بن معرور و علي بن أبي طالب ع، فقال رسول الله ص ائتوا بخبز. فأتي به فمد البراء بن معرور يده و أخذ منه لقمة فوضعها في فيه. فقال له علي بن أبي طالب ع يا براء لا تتقدم [على] رسول الله ص. فقال له البراء و كان أعرابيا يا علي كأنك تبخل رسول الله ص فقال علي ع ما أبخل رسول الله ص، و لكني أبجله و أوقره، ليس لي و لا لك و لا لأحد من خلق الله أن يتقدم رسول الله ص بقول، و لا فعل، و لا أكل و لا شرب.
فقال البراء ما أبخل رسول الله ص. فقال علي ع ما لذلك قلت، و لكن هذا جاءت به هذه و كانت يهودية، و لسنا نعرف حالها، فإذا أكلته بأمر رسول الله ص فهو الضامن لسلامتك منه، و إذا أكلته بغير إذنه وكلت إلى نفسك. يقول علي ع هذا و البراء يلوك اللقمة إذ أنطق الله الذراع فقالت يا رسول الله لا تأكلني فإني مسمومة و سقط البراء في سكرات الموت، و لم يرفع إلا ميتا. فقال رسول الله ص ايتوني بالمرأة. فأتي بها، فقال لها ما حملك على ما صنعت فقالت وترتني وترا عظيما قتلت أبي و عمي و أخي و زوجي و ابني ففعلت هذا و قلت إن كان ملكا فسأنتقم منه، و إن كان نبيا كما يقول، و قد وعد فتح مكة و النصر و الظفر، فسيمنعه الله و يحفظه منه و لن يضره. فقال رسول الله ص أيتها المرأة لقد صدقت. ثم قال لها رسول الله ص لا يضرك موت البراء فإنما امتحنه الله لتقدمه بين يدي رسول الله ص و لو كان بأمر رسول الله أكل منه لكفى شره و سمه. ثم قال رسول الله ص ادع لي فلانا [و فلانا] و ذكر قوما من خيار أصحابه منهم سلمان و المقداد و عمار و صهيب و أبو ذر و بلال و قوم من سائر الصحابة تمام عشرة و علي ع حاضر معهم. فقال ص اقعدوا و تحلقوا عليه.
فوضع رسول الله ص يده على الذراع المسمومة و نفث عليه، و قال [بسم الله الرحمن الرحيم] بسم الله الشافي، بسم الله الكافي، بسم الله المعافي، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء، و لا داء في الأرض، و لا في السماء و هو السميع العليم. ثم قال ص كلوا على اسم الله. فأكل رسول الله ص، و أكلوا حتى شبعوا، ثم شربوا عليه الماء، ثم أمر بها فحبست. فلما كان في اليوم الثاني جيء بها فقال ص أ ليس هؤلاء أكلوا [ذلك] السم بحضرتك فكيف رأيت دفع الله عن نبيه و صحابته فقالت يا رسول الله كنت إلى الآن في نبوتك شاكة، و الآن فقد أيقنت أنك رسول الله ص حقا، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أنك عبده و رسوله [حقا] و حسن إسلامها