الإمام الحسين عليه السلام :
الإقبال، عن الحسين بن علي ع
الإقبال، عن الحسين بن علي ع
في دعاء يوم عرفة ابتدأتني بنعمتك قبل أن أكون شيئا مذكورا وخلقتني من التراب ثم أسكنتني الأصلاب أمنا لريب المنون و اختلاف الدهور فلم أزل ظاعنا من صلب إلى رحم في تقادم الأيام الماضية و القرون الخالية لم تخرجني لرأفتك بي و لطفك لي و إحسانك إلي في دولة أيام الكفرة الذين نقضوا عهدك و كذبوا رسلك لكنك أخرجتني رأفة منك و تحننا علي للذي سبق لي من الهدى الذي يسرتني و فيه أنشأتني و من قبل ذلك رؤفت بي بجميل صنعك و سوابغ نعمتك فابتدعت خلقي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ثم أسكنتني فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ بين لحم و جلد و دم لم تشهرني بخلقي و لم تجعل إلي شيئا من أمري ثم أخرجتني إلى الدنيا تاما سويا و حفظتني في المهد طفلا صبيا و رزقتني من الغذاء لبنا مريئا و عطفت على قلوب الحواضن و كفلتني الأمهات الرحائم و كلأتني من طوارق الجان و سلمتني من الزيادة و النقصان فتعاليت يا رحيم يا رحمان حتى إذا استهللت ناطقا بالكلام أتممت على سوابغ الإنعام فربيتني زائدا في كل عام حتى إذا كملت فطرتي و اعتدلت سريرتي أوجبت علي حجتك بأن ألهمتني معرفتك و روعتني بعجائب فطرتك
و أنطقتني لما ذرأت لي في سمائك و أرضك من بدائع خلقك و نبهتني لذكرك و شكرك و واجب طاعتك و عبادتك و فهمتني ما جاءت به رسلك و يسرت لي تقبل مرضاتك و مننت علي في جميع ذلك بعونك و لطفك ثم إذ خلقتني من حر الثرى لم ترض لي يا إلهي نعمة دون أخرى و رزقتني من أنواع المعاش و صنوف الرياش بمنك العظيم علي و إحسانك القديم إلي حتى إذا أتممت علي جميع النعم و صرفت عني كل النقم لم يمنعك جهلي و جرأتي عليك إن دللتني على ما يقربني إليك و وفقتني لما يزلفني لديك إلى آخر الدعاء