الإمام الصادق عليه السلام :
ع، [علل الشرائع] حدثنا علي بن أحمد قال حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن يحيى عن عمرو بن أبي المقدام و زياد بن عبد الله قالا
ع، [علل الشرائع] حدثنا علي بن أحمد قال حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن يحيى عن عمرو بن أبي المقدام و زياد بن عبد الله قالا
أتى رجل أبا عبد الله ع فقال له يرحمك الله هل تشيع الجنازة بنار و يمشي معها بمجمرة و قنديل أو غير ذلك مما يضاء به قال فتغير لون أبي عبد الله ع من ذلك و استوى جالسا ثم قال إنه جاء شقي من الأشقياء إلى فاطمة بنت محمد ص فقال لها أ ما علمت أن عليا قد خطب بنت أبي جهل فقالت حقا ما تقول فقال حقا ما أقول ثلاث مرات فدخلها من الغيرة ما لا تملك نفسها و ذلك أن الله تبارك و تعالى كتب على النساء غيرة و كتب على الرجال جهادا و جعل للمحتسبة الصابرة منهن من الأجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل الله قال فاشتد غم فاطمة ع من ذلك و بقيت متفكرة هي حتى أمست و جاء الليل حملت الحسن على عاتقها الأيمن و الحسين على عاتقها الأيسر و أخذت بيد أم كلثوم اليسرى بيدها اليمنى ثم تحولت إلى حجرة أبيها فجاء علي ع فدخل في حجرته فلم ير فاطمة ع فاشتد لذلك غمه و عظم عليه و لم يعلم القصة ما هي فاستحيا أن يدعوها من منزل أبيها فخرج إلى المسجد فصلى فيه ما شاء الله ثم جمع شيئا من كثيب المسجد و اتكأ عليه
فلما رأى النبي ص ما بفاطمة من الحزن أفاض عليه الماء ثم لبس ثوبه و دخل المسجد فلم يزل يصلي بين راكع و ساجد و كلما صلى ركعتين دعا الله أن يذهب ما بفاطمة من الحزن و الغم و ذلك أنه خرج من عندها و هي تتقلب و تتنفس الصعداء فلما رآها النبي ص أنها لا يهنؤها النوم و ليس لها قرار قال لها قومي يا بنية فقامت فحمل النبي ص الحسن و حملت فاطمة الحسين و أخذت بيد أم كلثوم فانتهى إلى علي ع و هو نائم فوضع النبي رجله على رجل علي فغمزه و قال قم يا أبا تراب فكم ساكن أزعجته ادع لي أبا بكر من داره و عمر من مجلسه و طلحة فخرج علي ع فاستخرجهما من منزلهما و اجتمعوا عند رسول الله فقال رسول الله ص يا علي أ ما علمت أن فاطمة بضعة مني و أنا منها فمن آذاها فقد آذاني و من آذاني فقد آذى الله و من آذاها بعد موتي كان كمن آذاها في حياتي و من آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي قال فقال علي بلى يا رسول الله قال فقال فما دعاك إلى ما صنعت فقال علي و الذي بعثك بالحق نبيا ما كان مني مما بلغها شيء و لا حدثت بها نفسي فقال النبي ص صدقت و صدقت ففرحت فاطمة ع بذلك و تبسمت حتى رئي ثغرها فقال أحدهما لصاحبه إنه لعجب لحينه ما دعاه إلى ما دعانا هذه الساعة
قال ثم أخذ النبي ص بيد علي ع فشبك أصابعه بأصابعه فحمل النبي ص الحسن و حمل الحسين علي ع و حملت فاطمة ع أم كلثوم و أدخلهم النبي ص بيتهم و وضع عليهم قطيفة و استودعهم الله ثم خرج و صلى بقية الليل فلما مرضت فاطمة ع مرضها الذي ماتت فيه أتياها عائدين و استأذنا عليها فأبت أن تأذن لهما فلما رأى ذلك أبو بكر أعطى الله عهدا لا يظله سقف بيت حتى يدخل على فاطمة ع و يتراضاها فبات ليلة في الصقيع ما أظله شيء ثم إن عمر أتى عليا ع فقال له إن أبا بكر شيخ رقيق القلب و قد كان مع رسول الله ص في الغار فله صحبة و قد أتيناها غير هذه المرة مرارا نريد الإذن عليها و هي تأبى أن تأذن لنا حتى ندخل عليها فنتراضى فإن رأيت أن تستأذن لنا عليها فافعل قال نعم فدخل علي على فاطمة ع فقال يا بنت رسول الله قد كان من هذين الرجلين ما قد رأيت و قد ترددا مرارا كثيرة و رددتهما و لم تأذني لهما و قد سألاني أن أستأذن لهما عليك فقالت و الله لا آذن لهما و لا أكلمهما كلمة من رأسي حتى ألقى أبي فأشكوهما إليه بما صنعاه و ارتكباه مني قال علي ع فإني ضمنت لهما ذلك
قالت إن كنت قد ضمنت لهما شيئا فالبيت بيتك و النساء تتبع الرجال لا أخالف عليك شيء فأذن لمن أحببت فخرج علي ع فأذن لهما فلما وقع بصرهما على فاطمة ع سلما عليها فلم ترد عليهما و حولت وجهها عنهما فتحولا و استقبلا وجهها حتى فعلت مرارا و قالت يا علي جاف الثوب و قالت لنسوة حولها حولن وجهي فلما حولن وجهها حولا إليها فقال أبو بكر يا بنت رسول الله إنما أتيناك ابتغاء مرضاتك و اجتناب سخطك نسألك أن تغفري لنا و تصفحي عما كان منا إليك قالت لا أكلمكما من رأسي كلمة واحدة حتى ألقى أبي و أشكوكما إليه و أشكو صنعكما و فعالكما و ما ارتكبتما مني قالا إنا جئنا معتذرين مبتغين مرضاتك فاغفري و اصفحي عنا و لا تؤاخذينا بما كان منا فالتفتت إلى علي ع و قالت إني لا أكلمهما من رأسي كلمة حتى أسألهما عن شيء سمعاه من رسول الله ص فإن صدقاني رأيت رأيي قالا اللهم ذلك لها و إنا لا نقول إلا حقا و لا نشهد إلا صدقا فقالت أنشدكما بالله أ تذكران أن رسول الله ص استخرجكما في جوف الليل بشيء كان حدث من أمر علي فقالا اللهم نعم
فقالت أنشدكما باللههل سمعتما النبي ص يقول فاطمة بضعة مني و أنا منها من آذاها فقد آذاني و من آذاني فقد آذى الله و من آذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي و من آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي قالا اللهم نعم فقالت الحمد لله ثم قالت اللهم إني أشهدك فاشهدوا يا من حضرني أنهما قد آذياني في حياتي و عند موتي و الله لا أكلمكما من رأسي كلمة حتى ألقى ربي فأشكوكما إليه بما صنعتما به و بي و ارتكبتما مني فدعا أبو بكر بالويل و الثبور و قال ليت أمي لم تلدني فقال عمر عجبا للناس كيف ولوك أمورهم و أنت شيخ قد خرفت تجزع لغضب امرأة و تفرح برضاها و ما لمن أغضب امرأة و قاما و خرجا قال فلما نعي إلى فاطمة ع نفسها أرسلت إلى أم أيمن و كانت أوثق نسائها عندها و في نفسها فقالت يا أم أيمن إن نفسي نعيت إلي فادعي لي عليا فدعته لها فلما دخل عليها قالت له يا ابن العم أريد أن أوصيك بأشياء فاحفظها علي فقال لها قولي ما أحببت قالت له تزوج فلانة تكون مربية لولدي من بعدي مثلي و أعمل نعشا رأيت الملائكة قد صورته لي فقال لها علي أريني كيف صورته فأرته ذلك كما وصفت له و كما أمرت به
ثم قالت فإذا أنا قضيت نحبي فأخرجني من ساعتك أي ساعة كانت من ليل أو نهار و لا يحضرن من أعداء الله و أعداء رسوله للصلاة علي قال علي ع أفعل فلما قضت نحبها صلى الله عليها و هم في ذلك في جوف الليل أخذ علي ع في جهازها من ساعته كما أوصته فلما فرغ من جهازها أخرج علي الجنازة و أشعل النار في جريد النخل و مشى مع الجنازة بالنار حتى صلى عليها و دفنها ليلا فلما أصبح أبو بكر و عمر عاودا عائدين لفاطمة فلقيا رجلا من قريش فقالا له من أين أقبلت قال عزيت عليا بفاطمة قالا و قد ماتت قال نعم و دفنت في جوف الليل فجزعا جزعا شديدا ثم أقبلا إلى علي ع فلقياه فقالا له و الله ما تركت شيئا من غوائلنا و مساءتنا و ما هذا إلا من شيء في صدرك علينا هل هذا إلا كما غسلت رسول الله ص دوننا و لم تدخلنا معك و كما علمت ابنك أن يصيح بأبي بكر أن انزل عن منبر أبي فقال لهما علي ع أ تصدقاني إن حلفت لكما قالا نعم فحلف فأدخلهما على المسجد قال إن رسول الله ص لقد أوصاني و قد تقدم إلي أنه لا يطلع على عورته أحد إلا ابن عمه فكنت أغسله و الملائكة تقلبه و الفضل بن العباس يناولني الماء و هو مربوط العينين بالخرقة
و لقد أردت أن أنزع القميص فصاح بي صائح من البيت سمعت الصوت و لم أر الصورة لا تنزع قميص رسول الله ص و لقد سمعت الصوت يكرره علي فأدخلت يدي من بين القميص فغسلته ثم قدم إلى الكفن فكفنته ثم نزعت القميص بعد ما كفنته و أما الحسن ابني فقد تعلمان و يعلم أهل المدينة أنه كان يتخطى الصفوف حتى يأتي النبي ص و هو ساجد فيركب ظهره فيقوم النبي ص و يده على ظهر الحسن و الأخرى على ركبته حتى يتم الصلاة قالا نعم قد علمنا ذلك ثم قال تعلمان و يعلم أهل المدينة أن الحسن كان يسعى إلى النبي ص و يركب على رقبته و يدلي الحسن رجليه على صدر النبي ص حتى يرى بريق خلخاليه من أقصى المسجد و النبي ص يخطب و لا يزال على رقبته حتى يفرغ النبي ص من خطبته و الحسن على رقبته فلما رأى الصبي على منبر أبيه غيره شق عليه ذلك و الله ما أمرته بذلك و لا فعله عن أمري و أما فاطمة فهي المرأة التي استأذنت لكما عليها فقد رأيتما ما كان من كلامها لكما و الله لقد أوصتني أن لا تحضرا جنازتها و لا الصلاة عليها و ما كنت الذي أخالف أمرها و وصيتها إلي فيكما فقال عمر دع عنك هذه الهمهمة أنا أمضي إلى المقابر فأنبشها حتى أصلي عليها
فقال له علي ع و الله لو ذهبت تروم من ذلك شيئا و علمت أنك لا تصل إلى ذلك حتى يندر عنك الذي فيه عيناك فإني كنت لا أعاملك إلا بالسيف قبل أن تصل إلى شيء من ذلكفوقع بين علي ع و عمر كلام حتى تلاحيا و استبسل و اجتمع المهاجرون و الأنصار فقالوا و الله ما نرضى بهذا أن يقال في ابن عم رسول الله و أخيه و وصيه و كادت أن تقع فتنة فتفرقا