الإمام علي عليه السلام :
كتاب سليم بن قيس....فقال أبان قال سليم
كتاب سليم بن قيس....فقال أبان قال سليم
فلقيت عليّا صلوات اللّه عليه و آله فسألته عمّا صنع عمر فقال هل تدري لم كفّ عن قنفذ و لم يغرمه شيئا. قلت لا. قال لأنّه هو الذي ضرب فاطمة صلوات اللّه عليها بالسوط حين جاءت لتحولبيني و بينهم فماتت صلوات اللّه عليها، و إنّ أثر السوط لفي عضدها مثل الدملج. قال أبان قال سليم انتهيت إلى حلقة في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ليس فيها إلّا هاشميّ غير سلمان و أبي ذرّ و المقداد و محمد بن أبي بكر و عمر ابن أبي سلمة و قيس بن سعد بن عبادة، فقال العباس لعليّ عليه السلام ما ترى عمر منعه من أن يغرم قنفذا كما غرّم جميع عمّاله. فنظر عليّ عليه السلام إلى من حوله، ثم اغرورقت عيناه، ثم قال شكر له ضربة ضربها فاطمة عليها السلام بالسوط فماتت و في عضدها أثره كأنّه الدملج. ثم قال(ع).... و قبضه و صاحبه فدك و هي في يدي فاطمة عليها السلام مقبوضة، قد أكلت غلّتها على عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فسألها البيّنة على ما في يدها، و لم يصدّقها و لا صدّق أمّ أيمن،
و هو يعلم يقينا كما نعلم أنّها في يدها، و لم يحلّ له أن يسألها البيّنة على ما في يدها، و لا أن يتّهمها، ثم استحسن الناس ذلك و حمدوه و قالوا إنّما حمله على ذلك الورع و الفضل، ثم حسّن قبح فعلهما أن عدلا عنها فقالا بالظنّ إنّ فاطمة لن تقول إلّا حقّا، و إنّ عليّا لم يشهد إلّا بحقّ، و لو كانت مع أمّ أيمن امرأة أخرى أمضينا لها، فخطبا بذلك عند الجهّال، و ما لهما و من أمّرهما أن يكونا حاكمين فيعطيان أو يمنعان، و لكنّ الأمّة ابتلوا بهما فأدخلا نفسهما فيما لا حقّ لهما فيه و لا علم لهما فيه، و قد قالت فاطمة عليها السلام حين أراد انتزاعها منها، و هي في يدها أ ليست في يدي و فيها وكيلي، و قد أكلت غلّتها و رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حيّ. قالا بلى. قالت فلم تسألاني البيّنة على ما في يدي. قالا لأنّها فيء للمسلمين، فإن قامت بيّنة و إلّا لم نمضها. فقالت لهما و الناس حولهما يسمعون أ فتريدان أن تردّا ما صنع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و تحكما فينا خاصّة بما لم تحكما في سائر المسلمين أيّها الناس اسمعوا ما ركباها.
قلت أ رأيتما إن ادّعيت ما في أيدي المسلمين من أموالهم تسألوني البيّنة أم تسألونهم. قالا لا، بل نسألك. قلت فإن ادّعى جميع المسلمين ما في يدي تسألونهم البيّنة أم تسألوني. فغضب عمر، و قال إنّ هذا فيء للمسلمين و أرضهم و هي في يدي فاطمة(ع) تأكل غلّتها، فإن أقامت بيّنة على ما ادّعت أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله وهبها لها من بين المسلمين و هي فيئهم و حقّهم نظرنا في ذلك. فقال أنشدكم باللّه أ ما سمعتم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقولإنّ ابنتي سيّدة نساء أهل الجنّة. قالوا اللّهمّ نعم، قد سمعناها من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. قالت أ فسيّدة نساء أهل الجنّة تدّعي الباطل و تأخذ ما ليس لها أ رأيتم لو أنّ أربعة شهدوا عليّ بفاحشة أو رجلان بسرقة أ كنتم مصدّقين عليّ. فأمّا أبو بكر فسكت، و أمّا عمر فقال و نوقع عليك الحدّ. فقالت كذبت و لؤمت، إلّا أن تقرّ أنّك لست على دين محمّد صلّى اللّه عليه و آله، إنّ الذي يجيز على سيّدة نساء أهل الجنّة شهادة أو يقيم عليها حدّا لملعون كافر بما أنزل اللّه على محمّد صلّى اللّه عليه و آله، إنّ من أذهب اللّه عنهم الرجس أهل البيت و طهّرهم تطهيرا،
لا يجوز عليهم شهادة، لأنّهم معصومون من كلّ سوء، مطهّرون من كلّ فاحشة، حدّثني عن أهل هذه الآية، لو أنّ قوما شهدوا عليهم أو على أحد منهم بشرك أو كفر أو فاحشة كان المسلمون يتبرّءون منهم و يحدّونهم. قال نعم، و ما هم و سائر الناس في ذلك إلّا سواء. قالت كذبت و كفرت، لأنّ اللّه عصمهم و أنزل عصمتهم و تطهيرهم و أذهب عنهم الرجس، فمن صدّق عليهم يكذّب اللّه و رسوله...... و أعجب من ذلك أنّ أبا كيف العبدي أتاه، فقال إنّي طلّقت امرأتي و أنا غائب فوصل إليها الطلاق ثم راجعتها و هي في عدّتها، و كتبت إليها فلم يصل الكتاب إليها حتى تزوّجت، فكتب له إن كان هذا الذي تزوّجها دخل بها فهي امرأته و إن كان لم يدخل بها فهي امرأتك، و كتب له ذلك و أنا شاهد، و لم يشاورني و لم يسألني، يرى استغناءه بعلمه عنّي، فأردت أن أنهاه ثم قلت ما أبالي أن يفضحه اللّه ثم لم تعبه الناس بل استحسنوه و اتّخذوه سنّة و قبلوه عنه، و رأوه صوابا، و ذلك قضاء و لا يقضي به مجنون. ثم تركه من الأذان(حيّ على خير العمل)فاتّخذوه سنّة و تابعوه على ذلك. و قضيّته في المفقود أن أجّل امرأته أربع سنين
ثم تتزوج فإن جاء زوجها خيّر بين امرأته و بين الصداق، فاستحسنه الناس و اتّخذوه سنّة و قبلوه عنه جهلا و قلّة علم بكتاب اللّه عزّ و جلّ و سنّة نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. و إخراجه من المدينة كلّ أعمى، و إرساله إلى عمّاله بالبصرة بحبل خمسةأشبار، و قوله من أخذتموه من الأعاجم فبلغ طول هذا الحبل فاضربوا عنقه. و ردّه سبايا تستر، و هنّ حبالى. و إرساله بحبل من صبيان سرقوا بالبصرة، و قوله من بلغ طول هذا الحبل فاقطعوه. و أعجب من ذلك أنّ كذّابا رجم بكذّابة فقبلها و قبلها الجهّال، فزعموا أنّ الملك ينطق على لسانه و يلقّنه..... و أنّه صاحب صفيّة حين قال لها ما قال، فغضب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتى قال ما قال. و أنّه الذي مررت به يوما فقال ما مثل محمّد في أهل بيته إلّا كنخلة نبتت في كناسة، فبلغ ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فغضب و خرج فأتى المنبر، و فزعت الأنصار فجاءت شائكة في السلاح لما رأت من غضب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال عليه السلام... أنا خير المرسلين و النبيّين، و فاطمة ابنتي سيّدة نساء أهل الجنّة، و عليّ و بنوه الأوصياء خير الوصيّين،
و أهل بيتي خير أهل بيوتات النبيّين، و ابناي سيّدي شباب أهل الجنّة..... ثم قال إنّي و أهل بيتي لطينة من تحت العرش إلى آدم، نكاح غير سفاح لم يخالطنا نكاح الجاهليّة، فاسألوني، فو اللّه لا يسألني رجل عن أبيه و عن أمّه و عن نسبه إلّا أخبرته به... ثم صنع عمر شيئا ثالثا لم يدعهم على ما ادّعى أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يستخلف، و لم يستخلف كما استخلف أبو بكر، و جاء بشيء ثالث جعلها شورى بين ستة نفر، و أخرج منها جميع العرب، ثم حطّني بذلك عند العامّة فجعلهم مع ما أشربت قلوبهم من الفتنة و الضلالة أقراني، ثم بايع ابن عوف عثمان فبايعوه، و قد سمعوا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في عثمان ما سمعوا من لعنه إيّاه في غير موطن، فعثمان على ما كان عليه خير منهما، و لقد قال منذ أيّام قولا رققت له و أعجبتني مقالته، بينما أنا قاعد عنده في بيته إذ أتته عائشة و حفصة تطلبان ميراثهما من ضياع أموال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله التي في يديه، فقال و لا كرامة، لكن أجيز شهادتكما على أنفسكما،
فإنّكما شهدتما عند أبويكما أنّكما سمعتما من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يقول إنّ النبيّ(ص) لا يورث ما ترك فهو صدقة، ثم لقّنتما أعرابيّا جلفا يبول على عقبيه يتطهّر ببوله مالك بن الحرث بن الحدثان فشهد معكما، لا من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و لا من الأنصار أحد شهد بذلك غير أعرابيّ، أما و اللّه ما أشكّ في أنّه قد كذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و كذبتما عليه معه، فانصرفتا من عنده تبكيان و تشتمانه، فقال ارجعا، ثم قال أشهدتما بذلك عند أبي بكر. قالتا نعم. قال فإن شهدتما بحقّ فلا حقّ لكما، و إن كنتما شهدتما بباطل فعليكما و على من أجاز شهادتكما على أهل هذا البيت
لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ
. قال ثم نظر إليّ فتبسّم و قال يا أبا الحسن شفيتك منهما. قلت نعم و اللّه و أبلغت، و قلت حقّا، فلا يرغم اللّه إلّا بأنفيهما، فرققت لعثمانو علمت أنّه أراد بذلك رضاي، و أنّه أقرب منهما رحما و إن كان لا عذر له و لا حجّة بتأمّره علينا و ادّعائه حقّنا.