الإمام علي عليه السلام :
قال السيّد ابن طاوس رحمه اللّه في كتاب كشف المحجّة لثمرة المهجة قال محمد بن يعقوب في كتاب الرسائل علي بن إبراهيم، بإسناده، قال
قال السيّد ابن طاوس رحمه اللّه في كتاب كشف المحجّة لثمرة المهجة قال محمد بن يعقوب في كتاب الرسائل علي بن إبراهيم، بإسناده، قال
كتب أمير المؤمنين عليه السلام كتابا بعد منصرفه من النهروان و أمر أن يقرأ على الناس، و ذلك أنّ الناس سألوه عن أبي بكر و عمر و عثمان، فغضب عليه السلام و قال....اللّهمّ إنّي أستعديك على قريش فإنّهم قطعوا رحمي و أضاعوا أيّامي، و دفعوا حقّي، و صغّروا قدري و عظيم منزلتي، و أجمعوا على منازعتي حقّا كنت أولى به منهم، فاستلبونيه... فكان أوّل من بايعني طلحة و الزبير، فقالا نبايعك على أنّا شركاؤك في الأمر. فقلت لا، و لكنّكما شركائي في القوّة، و عوناي في العجز. فبايعاني على هذا الأمر و لو أبيا لم أكرههما كما لم أكره غيرهما، و كان طلحة يرجو اليمن و الزبير يرجو العراق، فلمّا علما أنّي غير مولّيهما استأذناني للعمرة يريدان الغدر، فأتيا عائشة و استخفاها مع كلّ شيء في نفسها عليّ، و النساء نواقص الإيمان، نواقص العقول، نواقص الحظوظ، فأمّا نقصان إيمانهنّ فقعودهنّ عن الصلاة و الصيام في أيّام حيضهنّ، و أمّا نقصان عقولهنّ فلا شهادة لهنّ إلّا في الدين و شهادة امرأتين برجل،
و أمّا نقصان حظوظهنّ فمواريثهنّ على الأنصاف من مواريث الرجال، و قادهما عبيد اللّه بن عامر إلى البصرة، و ضمن لهما الأموال و الرجال، فبينما هما يقودانها إذ هي تقودهما، فاتّخذاها فئة يقاتلان دونها، فأيّ خطيئة أعظم ممّا أتيا إخراجهما زوجة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من بيتها، فكشفا عنها حجابا ستره اللّه عليها، و صانا حلائلهما في بيوتهما و لا أنصفا اللّه و لا رسوله من أنفسهما،ثلاث خصال مرجعها على الناس، قال اللّه تعالى
يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ
، و قال
فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ
، و قال لا
يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّىُ إِلَّا بِأَهْلِهِ
فقد بغيا عليّ، و نكثا بيعتي، و مكرا بي، فمنيت بأطوع الناس في الناس عائشة بنت أبي بكر، و بأشجع الناس الزبير، و بأخصم الناس طلحة، و أعانهم عليّ يعلى بن منبه بأصوع الدنانير، و اللّه لئن استقام أمري لأجعلنّ ماله فيئا للمسلمين، ثمّ أتوا البصرة و أهلها مجتمعون على بيعتي و طاعتي، و بها شيعتي خزّان بيت مال اللّه و مال المسلمين، فدعوا الناس إلى معصيتي و إلى نقض بيعتي،
فمن أطاعهم أكفروه، و من عصاهم قتلوه، فناجزهم حكيم بن جبلّة فقتلوها في سبعين رجلا من عبّاد أهل البصرة و مخبتيهم يسمّون المثفنين، كأنّ راح أكفّهم ثفنات الإبل، و أبى أن يبايعهم يزيد بن الحارث اليشكري، فقال اتّقيا اللّه إنّ أوّلكم قادنا إلى الجنّة فلا يقودنا آخركم إلى النار، فلا تكلّفونا أن نصدّق المدّعي و نقضي على الغائب، أمّا يميني فشغلها عليّ بن أبي طالب ببيعتي إيّاه، و هذه شمالي فارغة فخذاها إن شئتما، فخنق حتى مات، و قام عبد اللّه بن حكيم التميمي فقال يا طلحة هل تعرف هذا الكتاب قال نعم، هذا كتابي إليك. قال هل تدري ما فيه قال اقرأه عليّ، فإذا فيه عيب عثمان و دعاؤه إلى قتله، فسيّره من البصرة، و أخذوا على عاملي عثمان ابن حنيف الأنصاري غدرا فمثّلوا به كلّ المثلة، و نتفوا كلّ شعرة في رأسه و وجهه، و قتلوا شيعتي، طائفة صبرا، و طائفة غدرا، و طائفة عضّوا بأسيافهم حتى لقوا اللّه، فو اللّه لو لم يقتلوا منهم إلّا رجلا واحدا لحلّ لي به دماؤهم و دماء ذلك الجيش لرضاهم بقتل من قتل، دع مع أنّهم قد قتلوا أكثر من العدّة التي قد دخلوا بها عليهم، و قد أدال اللّه منهم
فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
،
فأمّا طلحة فرماه مروان بسهم فقتله، و أمّا الزبير فذكّرته قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إنّك تقاتل عليّا(ع) و أنت ظالم له، و أمّا عائشة فإنّها كان نهاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن مسيرها فعضّت يديها نادمة على ما كان منها. و قد كان طلحة لمّا نزل ذا قار قام خطيبا فقال يا أيّها الناس إنّا أخطأنا في عثمان خطيئة ما يخرجنا منها إلّا الطلب بدمه، و عليّ قاتله، و عليه دمه. و قد نزل دارن مع شكّاك اليمن و نصارى ربيعة و منافقي مضر، فلمّا بلغني قوله و قول كان عن الزبير فيه، بعثت إليهما أناشدهما بحقّ محمّد صلّى اللّه عليه و آله ما أتيتماني و أهل مصر محاصرو عثمان، فقلتما اذهب بنا إلى هذا الرجل فإنّا لا نستطيع قتله إلّا بك، لما تعلم أنّه سيّر أبا ذرّ رحمه اللّه، و فتق عمّارا، و آوى الحكم بن أبي العاص و قد طرده رسول اللّه صلّى اللّهعليه و آله و أبو بكر و عمر و استعمل الفاسق على كتاب اللّه الوليد بن عقبة، و سلّط خالد بن عرفطة العذري على كتاب اللّه يمزّق و يخرق، فقلت كلّ هذا قد علمت و لا أرى قتله يومي هذا، و أوشك سقاءه أن يخرج المخض زبدته، فأقرّا بما قلت.
و أمّا قولكما إنّكما تطلبان بدم عثمان فهذان ابناه عمرو و سعيد فخلّوا عنهما يطلبان دم أبيهما، متى كانت أسد و تيم أولياء بني أميّة فانقطعا عند ذلك. فقام عمران بن حصين الخزاعي صاحب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هو الذي جاءت عنه الأحاديث و قال يا هذان لا تخرجان ببيعتكما من طاعة عليّ، و لا تحملانا على نقض بيعته، فإنّها للّه رضا، أما وسعتكما بيوتكما حتى أتيتما بأمّ المؤمنين فالعجب لاختلافها إيّاكما، و مسيرها معكما، فكفّا عنّا أنفسكما، و ارجعا من حيث جئتما، فلسنا عبيد من غلب، و لا أوّل من سبق، فهمّا به ثم كفّا عنه، و كانت عائشة قد شكت في مسيرها و تعاظمت القتال، فدعت كاتبها عبيد اللّه بن كعب النميري فقالت اكتب، من عائشة بنت أبي بكر إلى عليّ ابن أبي طالب فقال هذا أمر لا يجري به القلم، قالت و لم قال لأنّ عليّ بن أبي طالب في الإسلام أوّل، و له بذلك البداء في الكتاب. فقالت اكتب، إلى عليّ بن أبي طالب من عائشة بنت أبي بكر، أمّا بعد فإنّي لست أجهل قرابتك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و لا قدمك في الإسلام، و لا غناك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،
و إنّما خرجت مصلحة بين بنيّ لا أريد حربك إن كففت عن هذين الرجلين.. في كلام لها كثير، فلم أجبها بحرف، و أخّرت جوابها لقتالها،..... فلمّا كان ذلك من شأنهم أمرتكم أن تمضوا من فوركم ذلك إلى عدوّكم، فقلتم كلّت سيوفنا، و نصلت أسنّة رماحنا، و عاد أكثرها قصيدا فأذن لنا فلنرجع و لنقصد بأحسن عدّتنا، و إذا نحن رجعنا زدنا في مقاتلتنا عدّة من قتل منّا حتى إذا أظللتم على النخيلة أمرتكم أن تلزموا معسكركم، و أن تضمّوا إليه نواصيكم، و أن توطّنوا على الجهاد نفوسكم، و لا تكثروا زيارة أبنائكم و لا نسائكم، فإنّ أصحاب الحرب مصابروها و أهل التشهير فيها، و الذين لا يتوجّدون من سهر ليلهم، و لا ظمإ نهارهم، و لا فقدان أولادهم و لا نسائهم، و أقامت طائفة منكم معدّة و طائفة دخلت المصر عاصية، فلا من دخل المصر عاد إليّ، و لا من أقام منكم ثبت معي و لا صبر، فلقد رأيتني و ما في عسكري منكم خمسون رجلا، فلمّا رأيت ما أنتم عليه دخلت عليكم فما قدر لكم أن تخرجوا معي إلى يومكم هذا،....