الإمام الباقر عليه السلام :
فض الحسين بن أحمد المدني، عن الحسين بن عبد اللَّه البكري، عن عبد اللَّه بن هشام، عن الكلبي، عن ميمون بن مصعب المكّي بمكّة قال كنّا عند أبي العباس بن سابور المكّي فأجرينا
فض الحسين بن أحمد المدني، عن الحسين بن عبد اللَّه البكري، عن عبد اللَّه بن هشام، عن الكلبي، عن ميمون بن مصعب المكّي بمكّة قال كنّا عند أبي العباس بن سابور المكّي فأجرينا حديث أهل الردّة، فذكرنا خولة الحنفيّة و نكاح أمير المؤمنين عليه السلام لها فقال أخبرني عبد اللَّه بن الخير الحسيني، قال بلغني أنّ الباقر محمد بن عليّ عليهما السلام قال
كان جالسا ذات يوم إذ جاءه رجلان، فقالا يا أبا جعفر أ لست القائل أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لم يرض بإمامة من تقدّمه. فقال بلى. فقالا له هذه خولة الحنفيّة نكحها من سبيهم و لم يخالفهم على أمرهم مذ حياتهم. فقال الباقر عليه السلام من فيكم يأتيني بجابر بن عبد اللَّه و كان محجوبا قد كفّ بصره فحضر و سلّم على الباقر عليه السلام فردّ عليه و أجلسه إلى جانبه، فقال له يا جابر عندي رجلان ذكرا أنّ أمير المؤمنين رضي بإمامة من تقدّم عليه، فاسألهما ما الحجّة في ذلك فسألهما فذكرا له حديث خولة، فبكى جابر حتى اخضلّت لحيته بالدموع، ثم قال و اللَّه يا مولاي لقد خشيت أن أخرج من الدنيا و لا أسأل عن هذه المسألة،
و اللَّه إنّي كنت جالسا إلى جنب أبي بكر و قد سبى بني حنيفة مع مالك بن نويرة من قبل خالد بن الوليد و بينهم جارية مراهقة فلمّا دخلت المسجد قالت أيّها الناس ما فعل محمّد صلّى اللَّه عليه و آله قالوا قبض. قالت هل له بنية فقصدها قالوا نعم هذه تربته و بنيته. فنادت و قالت السلام عليك يا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله أشهد أنّك تسمع صوتي و تقدر على ردّ جوابي، و إنّنا سبينا من بعدك، و نحن نشهد أن لا إله إلّا اللَّه و أنّك محمّدا رسول اللَّه.. ثم جلست فوثب إليها رجلان من المهاجرين أحدهما طلحة و الآخر الزبير و طرحا عليها ثوبيهما. فقالت ما بالكم يا معاشر الأعراب تغيبون حلائلكم و تهتكون حلائل غيركم. فقيل لها لأنّكم قلتم لا نصلّي و لا نصوم و لا نزكّي فقال لها الرجلان اللذان طرحا ثوبيهما إنّا لغالون في ثمنك. فقالت أقسمت باللَّه و بمحمّد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله إنّه لا يملكني و يأخذ رقبتي إلّا من يخبرني بما رأت أمّي و هي حاملة بي و أيّ شيء قالت لي عند ولادتي و ما العلامة التي بيني و بينها و إلّا بقرت بطني بيدي فيذهب ثمني و يطالب بدمي. فقالوا لها اذكري رؤياك حتى نعبرها لك.
فقالت الذي يملكني هو أعلم بالرؤيا منّي.. فأخذ طلحة و الزبير ثوبيهما و جلسوا، فدخل أمير المؤمنين عليه السلام و قال ما هذا الرجف في مسجد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله فقالوا يا أمير المؤمنين امرأة حنفيّة حرّمت ثمنها على المسلمين و قالت من أخبرني بالرؤيا التي رأت أمّي و هي حاملة بي يملكني. فقال أمير المؤمنين عليه السلام ما ادّعت باطلا، أخبروها تملكوها. فقالوا يا أبا الحسن ما منّا من يعلم، أ ما علمت أنّ ابن عمّك رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله قد قبض و أخبار السماء قد انقطعت من بعده. فقال أمير المؤمنين عليه السلام أخبرها بغير اعتراض منكم قالوا نعم. فقال عليه السلام يا حنفيّة أخبرك و أملكك فقالت من أنت أيّها المجتري دون أصحابه فقال أنا عليّ بن أبي طالب. فقالت لعلّك الرجل الذي نصبه لنا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله في صبيحة يوم الجمعة بغدير خم علما للناس. فقال أنا ذلك الرجل. قالت من أجلك نهبنا، و من نحوك أتينا، لأنّ رجالنا قالوا لا نسلّم صدقات أموالنا و لا طاعة نفوسنا إلّا لمن نصبه محمّد صلّى اللَّه عليه و آله فينا و فيكم علما.
قال أمير المؤمنين عليه السلام إنّ أجركم غير ضائع، و إنّ اللَّه يوفي كلّ نفس ما عملت من خير. ثم قال يا حنفيّة أ لم تحمل بك أمّك في زمان قحط قد منعت السماء قطرها، و الأرضون نباتها، و غارت العيون و الأنهار حتى أنّ البهائم كانت ترد المرعى فلا تجد شيئا، و كانت أمّك تقول لك إنّك حمل مشوم في زمان غير مبارك، فلمّا كان بعد تسعة أشهر رأت في منامها كأن قد وضعت بك، و أنّها تقول إنّك حمل مشوم في زمان غير مبارك، و كأنّك تقولين يا أمّي لا تتطيّرن بي فإنّي حمل مبارك أنشأ منشأ مباركا صالحا، و يملكني سيّد، و أرزق منه ولدا يكون للحنفيّة عزّا، فقالت صدقت. فقال عليه السلام إنّه كذلك و به أخبرني ابن عمّي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله. فقالت ما العلامة التي بيني و بين أمّي. فقال لها لمّا وضعتك كتبت كلامك و الرؤيا في لوح من نحاس و أودعته عتبة الباب، فلمّا كان بعد حولين عرضته عليك فأقررت به، فلمّا كان بعد ستّ سنين عرضته عليك فأقررت به، ثم جمعت بينك و بين اللوح
و قالت لك يا بنيّة إذا نزل بساحتكم سافك لدمائكم، و ناهب لأموالكم، و ساب لذراريكم، و سبيت فيمن سبي، فخذي اللوح معك و اجتهدي أن لا يملكك من الجماعة إلّا من عبّرك بالرؤيا و بما في هذا اللوح. فقالت صدقت... يا أمير المؤمنين(ع) ، ثم قالت فأين هذا اللوح فقال هو في عقيصتك، فعند ذلك دفعت اللوح إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فملكها و اللَّه يا أبا جعفر بما ظهر من حجّته و ثبت من بيّنته، فلعن اللَّه من اتّضح له الحقّ ثم جحد حقّه و فضله، و جعل بينه و بين الحقّ سترا.