الإمام الصادق عليه السلام :
فس، [تفسير القمي] أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن الصادق ع قال
فس، [تفسير القمي] أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن الصادق ع قال
إن داود ع لما جعله الله عز و جل خليفة في الأرض و أنزل عليه الزبور أوحى الله عز و جل إلى الجبال و الطير أن يسبحن معه و كان سببه أنه إذا صلى يقوم وزيره بعد ما يفرغ من الصلاة فيحمد الله و يسبحه و يكبره و يهلله ثم يمدح الأنبياء ع نبيا نبيا و يذكر من فضلهم و أفعالهم و شكرهم و عبادتهم لله سبحانه و الصبر على بلائه و لا يذكر داود ع فنادى داود ربه فقال يا رب قد أثنيت على الأنبياء بما قد أثنيت عليهم و لم تثن علي فأوحى الله عز و جل إليه هؤلاء عباد ابتليتهم فصبروا و أنا أثنى عليهم بذلك فقال يا رب فابتلني حتى أصبر فقال يا داود تختار البلاء على العافية إني أبليت هؤلاء و لم أعلمهم و أنا أبليك و أعلمك أنه يأتيك بلائي في سنة كذا و شهر كذا في يوم كذا و كان داود يفرغ نفسه لعبادته يوما و يقعد في محرابه و يوم يقعد لبني إسرائيل فيحكم بينهم فلما كان في اليوم الذي وعده الله عز و جل اشتدت عبادته و خلا في محرابه و حجب الناس عن نفسه و هو في محرابه يصلي
فإذا بطائر قد وقع بين يديه جناحاه من زبرجد أخضر و رجلاه من ياقوت أحمر و رأسه و منقاره من اللؤلؤ و الزبرجد فأعجبه جدا و نسي ما كان فيه فقام ليأخذه فطار الطائر فوقع على حائط بين داود و بين أوريا بن حنان و كان داود قد بعث أوريا في بعث فصعد داود الحائط ليأخذالطير و إذا امرأة أوريا جالسة تغتسل فلما رأت ظل داود نشرت شعرها و غطت به بدنها فنظر إليها داود و افتتن بها و رجع إلى محرابه و نسي ما كان فيه و كتب إلى صاحبه في ذلك البعث أن يسيروا إلى موضع كيت و كيت و يوضع التابوت بينهم و بين عدوهم و كان التابوت في بني إسرائيل كما قال الله عز و جل
فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ بَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ
و قد كان رفع بعد موسى ع إلى السماء لما عملت بنو إسرائيل بالمعاصي فلما غلبهم جالوت و سألوا النبي أن يبعث إليهم ملكا يقاتل في سبيل الله تقدس وجهه بعث إليهم طالوت و أنزل عليهم التابوت و كان التابوت إذا وضع بين بني إسرائيل و بين أعدائهم و رجع عن التابوت إنسان كفر و قتل و لا يرجع أحد عنه إلا و يقتل
فكتب داود إلى صاحبه الذي بعثه أن ضع التابوت بينك و بين عدوك و قدم أوريا بن حنان بين يدي التابوت فقدمه و قتل فلما قتل أوريا دخل عليه الملكان و لم يكن تزوج امرأة أوريا و كانت في عدتها و داود في محرابه يوم عبادته فدخل عليه الملكان من سقف البيت و قعدا بين يديه ففزع داود منهما فقالا
لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَ لا تُشْطِطْ وَ اهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ
و لداود حينئذ تسع و تسعون امرأة ما بين مهيرة إلى جارية فقال أحدهما لداود
إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَ عَزَّنِي فِي الْخِطابِ
أي ظلمني و قهرني فقال داود كما حكى الله عز و جل لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ إلى قوله
وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ
قال فضحك المستعدى عليه من الملائكة و قال حكم الرجل على نفسه فقال داود أ تضحك و قد عصيت لقد هممت أن أهشم فاك قال فعرجا و قال الملك المستعدى عليه لو علم داود أنه أحق بهشم فيه مني ففهم داود الأمر و ذكر القضية
فبقي أربعين يوما ساجدا يبكي ليلة و نهاره و لا يقوم إلا وقت الصلاة حتى انخرق جبينه و سال الدم من عينيه فلما كان بعد أربعين يوما نودي يا داود ما لك أ جائع أنت فنشبعك أم ظمآن فنسقيك أم عريان فنكسوك أم خائف فنؤمنك فقال أي رب و كيف لا أخاف و قد عملت ما علمت و أنت الحكم العدل الذي لا يجوزك ظلم ظالم فأوحى الله عز و جل إليه تب يا داود فقال أي رب و أنى لي بالتوبة قال صر إلى قبر أوريا حتى أبعثه إليك و أسأله أن يغفر لك فإن غفر لك غفرت لك قال يا رب فإن لم يفعل قال أستوهبك منه فخرج داود ع يمشي على قدميه و يقرأ الزبور و كان إذا قرأ الزبور لا يبقى حجر و لا شجر و لا جبل و لا طائر و لا سبع إلا يجاوبه حتى انتهى إلى جبل و عليه نبي عابد يقال له حزقيل فلما سمع دوي الجبال و صوت السباع علم أنه داود فقال هذا النبي الخاطى فقال داود يا حزقيل أ تأذن لي أن أصعد إليك قال لا فإنك مذنب فبكى داود ع فأوحى الله عز و جل إلى حزقيل يا حزقيل لا تعير داود بخطيئته و سلني العافية فنزل حزقيل و أخذ بيد داود و أصعده إليه فقال له داود يا حزقيل هل هممت بخطيئة قط قال لا قال فهل دخلك العجب مما أنت فيه من عبادة الله عز و جل قال لا
قال فهل ركنت إلى الدنيا فأحببت أن تأخذ من شهواتها و لذاتها قال بلى ربما عرض ذلك بقلبي قال فما تصنع قال أدخل هذا الشعب فأعتبر بما فيه قال فدخل داود ع الشعب فإذا بسرير من حديد عليه جمجمة بالية و عظام نخرة و إذا لوح من حديد و فيه مكتوب فقرأه داود فإذا فيه أنا أروى بن سلم ملكت ألف سنة و بنيت ألف مدينة و افتضضت ألف جارية و كان آخر أمري أن صار التراب فراشي و الحجارة وسادي و الحيات و الديدان جيراني فمن يراني فلا يغتر بالدنيا و مضى داود حتى أتى قبر أوريا فناداه فلم يجبه ثم ناداه ثانية فلم يجبه ثم ناداه ثالثة فقال أوريا ما لك يا نبي الله لقد شغلتني عن سروري و قرة عيني قال يا أوريا اغفر لي و هب لي خطيئتي فأوحى الله عز و جل يا داود بين له ما كان منك فناداه داود فأجابه في الثالثة فقال يا أوريا فعلت كذاو كذا و كيت و كيت فقال أوريا أ يفعل الأنبياء مثل هذا فناداه فلم يجبه فوقع داود ع على الأرض باكيا فأوحى الله عز و جل إلى صاحب الفردوس ليكشف عنه فكشف عنه فقال أوريا لمن هذا فقال لمن غفر لداود خطيئته فقال يا رب قد وهبت له خطيئته فرجع داود ع إلى بني إسرائيل و كان إذا صلى قام وزيره يحمد الله و يثني عليه و يثني على الأنبياء ع
ثم يقول كان من فضل نبي الله داود قبل الخطيئة كيت و كيت فاغتم داود ع فأوحى الله عز و جل إليه يا داود قد وهبت لك خطيئتك و ألزمت عار ذنبك بني إسرائيل قال يا رب كيف و أنت الحكم العدل الذي لا تجور قال لأنه لم يعاجلوك النكير و تزوج داود ع بامرأة أوريا بعد ذلك فولد له منها سليمان ع ثم قال عز و جل
فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَ إِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَ حُسْنَ مَآبٍ