الإمام الباقر عليه السلام :
ك، [إكمال الدين] أبي و ابن الوليد و ابن المتوكل جميعا عن سعد و الحميري و محمد العطار عن ابن عيسى و ابن هاشم جميعا عن ابن محبوب عن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن أبي جع
ك، [إكمال الدين] أبي و ابن الوليد و ابن المتوكل جميعا عن سعد و الحميري و محمد العطار عن ابن عيسى و ابن هاشم جميعا عن ابن محبوب عن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ع قال
كان بدء نبوة إدريس ع أنه كان في زمانه ملك جبار و أنه ركب ذات يوم في بعض نزهه فمر بأرض خضرة نضرة لعبد مؤمن من الرافضة فأعجبته فسأل وزراءه لمن هذه الأرض قالوا لعبد من عبيد الملك فلان الرافضي فدعا به فقال له أمتعني بأرضك هذه فقال له عيالي أحوج إليها منك قال فسمني بها أثمن لك قال لا أمتعك و لا أسومك دع عنك ذكرها فغضب الملك عند ذلك و أسف و انصرف إلى أهله و هو مغموم مفكر في أمره و كانت له امرأة من الأزارقة و كان بها معجبا يشاورها في الأمر إذا نزل به فلما استقر في مجلسه بعث إليها ليشاورها في أمر صاحب الأرض فخرجت إليه فرأت في وجهه الغضب فقالت له أيها الملك ما الذي دهاك حتى بدا الغضب في وجهك قبل فعلك فأخبرها بخبر الأرض و ما كان من قوله لصاحبها و من قول صاحبها له
فقالت أيها الملك إنما يغتم و يأسف من لا يقدر على التغيير و الانتقام و إن كنت تكره أن تقتله بغير حجة فأنا أكفيك أمره و أصير أرضه بيدك بحجة لك فيها العذر عند أهل مملكتك قال و ما هي قالت أبعث إليه أقواما من أصحابي أزارقة حتى يأتوك به فيشهدوا عليه عندك أنه قد برئ من دينك فيجوز لك قتله و أخذ أرضه قال فافعلي ذلك قال فكان لها أصحاب من الأزارقة على دينها يرون قتل الرافضة من المؤمنين فبعثت إلى قوم منهم فأتوهم فأمرتهم أن يشهدوا على فلان الرافضي عند الملك أنه قد برئ من دين الملك فشهدوا عليه أنه قد برئ من دين الملك فقتله و استخلص أرضه فغضب الله للمؤمن عند ذلك فأوحى الله إلى إدريس ع أن ائت عبدي هذا الجبار فقل له أ ما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظلما حتى استخلصت أرضه خالصة لك فأحوجت عياله من بعده و أجعتهم أما و عزتي لأنتقمن له منك في الآجل و لأسلبنك ملكك في العاجل و لأخربن مدينتك و لأذلن عزك و لأطعمن الكلاب لحم امرأتك فقد غرك يا مبتلى حلمي عنك فأتاه إدريس ع برسالة ربه و هو في مجلسه و حوله أصحابه
فقال أيها الجبار إني رسول الله إليكم و هو يقول لك أ ما رضيت إن قتلت عبدي المؤمن ظلما حتى استخلصت أرضه خالصة لك و أحوجت عياله من بعده و أجعتهم أما و عزتي لأنتقمن له منك في الآجل و لأسلبنك ملكك في العاجل و لأخربن مدينتك و لأذلن عزك و لأطعمن الكلاب لحم امرأتك فقال الجبار اخرج عني يا إدريس فلن تسبقني بنفسك ثم أرسل إلى امرأته فأخبرها بما جاء به إدريس فقالت لا يهولنك رسالة إله إدريس أنا أرسل إليه من يقتله فتبطل رسالة إلهه و كل ما جاءك به قال فافعلي و كان لإدريس أصحاب من الرافضة مؤمنون يجتمعون إليه في مجلس له فيأنسون به و يأنس بهم فأخبرهم إدريس بما كان من وحي الله عز و جل إليه و رسالته إلى الجبار و ما كان من تبليغ رسالة الله إلى الجبار فأشفقوا على إدريس و أصحابه و خافوا عليه القتل و بعثت امرأة الجبار إلى إدريس أربعين رجلا من الأزارقة ليقتلوه فأتوه في مجلسه الذي كان يجتمع إليه فيه أصحابه فلم يجدوه فانصرفوا و قد رآهم أصحاب إدريس فحسوا أنهم أتوا إدريس ليقتلوه فتفرقوا في طلبه فلقوا فقالوا له خذ حذرك يا إدريس فإن الجبار قاتلك قد بعث اليوم أربعين رجلا من الأزارقة ليقتلوك فاخرج من هذه القرية
فتنحى إدريس عن القرية من يومه ذلك و معه نفر من أصحابه فلما كان في السحر ناجى إدريس ربه فقال يا رب بعثتني إلى جبار فبلغت رسالتك و قد توعدني هذا الجبار بالقتل بل هو قاتلي إن ظفر بي فأوحى الله إليه أن تنح عنه و اخرج من قريته و خلني و إياه فو عزتي لأنفذن فيه أمري و لأصدقن قولك فيه و ما أرسلتك به إليه فقال إدريس يا رب إن لي حاجة قال الله سلها تعطها قال أسألك أن لا تمطر السماء على أهل هذه القرية و ما حولها و ما حوت عليه حتى أسألك ذلك قال الله عز و جل يا إدريس إذا تخرب القرية و يشتد جهد أهلها و يجوعون فقال إدريس و إن خربت و جهدوا و جاعوا قال الله فإني قد أعطيتك ما سألت و لن أمطر السماء عليهم حتى تسألني ذلك و أنا أحق من وفى بعهده فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله عز و جل من حبس المطر عنهم و بما أوحى الله إليه و وعده أن لا يمطر السماء عليهم حتى أسأله ذلك فأخرجوا أيها المؤمنون من هذه القرية إلى غيرها من القرى فخرجوا منها و عدتهم يومئذ عشرون رجلا فتفرقوا في القرى و شاع خبر إدريس في القرى بما سأل الله تعالى و تنحى إدريس إلى كهف في الجبل شاهق فلجأ إليه
و وكل الله عز و جل به ملكا يأتيه بطعامه عند كل مساء و كان يصوم النهار فيأتيه الملك بطعامه عند كل مساء و سلب الله عز و جل عند ذلك ملك الجبار و قتله و أخرب مدينته و أطعم الكلاب لحم امرأته غضبا للمؤمن و ظهر في المدينة جبار آخر عاص فمكثوا بذلك بعد خروج إدريس من القرية عشرين سنة لم تمطر السماء قطرة من مائها عليهم فجهد القوم و اشتدت حالهم و صاروا يمتارون الأطعمة من القرى من بعد فلما جهدوا مشى بعضهم إلى بعض فقالوا إن الذي نزل بنا مما ترون بسؤال إدريس ربه أن لا يمطر السماء علينا حتى يسأله هو و قد خفي إدريس عنا و لا علم لنا بموضعه و الله أرحم بنا منه فأجمع أمرهم على أن يتوبوا إلى الله و يدعوه و يفزعوا إليه و يسألوه أن يمطر السماء عليهم و على ما حوت قريتهم فقاموا على الرماد و لبسوا المسوح و حثوا على رءوسهم التراب و رجعوا إلى الله عز و جل بالتوبة و الاستغفار و البكاء و التضرع إليه و أوحى الله عز و جل إليه
يا إدريس أهل قريتك قد عجوا إلي بالتوبة و الاستغفار و البكاء و التضرع و أنا الله الرحمن الرحيم أقبل التوبة و أعفو عن السيئة و قد رحمتهم و لم يمنعني إجابتهم إلى ما سألوني من المطر إلا مناظرتك فيما سألتني أن لا أمطر السماء عليهم حتى تسألني فاسألني يا إدريس حتى أغيثهم و أمطر السماء عليهم قال إدريس اللهم إني لا أسألك ذلك قال الله عز و جل أ لم تسألني يا إدريس فسلني قال إدريس اللهم إني لا أسألك فأوحى الله عز و جل إلى الملك الذي أمره أن يأتي إدريس بطعامه كل مساء أن احبس عن إدريس طعامه و لا تأته به فلما أمسى إدريس في ليلة ذلك اليوم فلم يؤت بطعامه حزن و جاع فصبر فلما كان في اليوم الثاني فلم يؤت بطعامه اشتد حزنه و جوعه فلما كانت الليلة من اليوم الثالث فلم يؤت بطعامه اشتد جهده و جوعه و حزنه و قل صبره فنادى ربه يا رب حبست عني رزقي من قبل أن تقبض روحي فأوحى الله عز و جل إليه يا إدريس جزعت أن حبست عنك طعامك ثلاثة أيام و لياليها و لم تجزع و لم تنكر جوع أهل قريتك و جهدهم منذ عشرين سنة
ثم سألتك عن جهدهم و رحمتي إياهم أن تسألني أن أمطر السماء عليهم فلم تسألني و بخلت عليهم بمسألتك إياي فأذقتك الجوع فقل عند ذلك صبرك و ظهر جزعك فاهبط من موضعك فاطلب المعاش لنفسك فقد وكلتك في طلبه إلى حيلك فهبط إدريس من موضعه إلى غيره يطلب أكله من جوع فلما دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه فهجم على عجوز كبيرة و هي ترقق قرصتين لها على مقلاة فقال لها أيتها المرأة أطعميني فإني مجهود من الجوع فقالت له يا عبد الله ما تركت لنا دعوة إدريس فضلا نطعمه أحدا و حلفت أنها ما تملك شيئا غيره فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية قال لها أطعميني ما أمسك به روحي و تحملني به رجلي إلى أن أطلب قالت إنهما قرصتان واحدة لي و الأخرى لابني فإن أطعمتك قوتي مت و إن أطعمتك قوت ابني مات و ما هنا فضل أطعمكاه فقال لها إن ابنك صغير يجزيه نصف قرصه فيحيا بها و يجزيني النصف الآخر فأحيا به و في ذلك بلغة لي و له فأكلت المرأة قرصها و كسرت القرص الآخر بين إدريس و بين ابنها فلما رأى ابنها إدريس يأكل من قرصه اضطرب حتى مات قالت أمه يا عبد الله قتلت علي ابني جزعا على قوته
قال إدريس فأنا أحييه بإذن الله تعالى فلا تجزعي ثم أخذ إدريس بعضدي الصبي ثم قال أيتها الروح الخارجة من بدن هذا الغلام بإذن الله ارجعي إلى بدنه بإذن الله و أنا إدريس النبي فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله فلما سمعت المرأة كلام إدريس و قوله أنا إدريس و نظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت قالت أشهد أنك إدريس النبي و خرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية أبشروا بالفرج فقد دخل إدريس قريتكم و مضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبار الأول و هي على تل فاجتمع إليه أناس من أهل قريته فقالوا له يا إدريس أ ما رحمتنا في هذه العشرين سنة التي جهدنا فيها و مسنا الجوع و الجهد فيها فادع الله لنا أن يمطر السماء علينا قال لا حتى يأتيني جباركم هذا و جميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألوني ذلك فبلغ الجبار قوله فبعث إليه أربعين رجلا يأتوه بإدريس فأتوه فقالوا له إن الجبار بعث إليك لتذهب إليه فدعا عليهم فماتوا فبلغ الجبار ذلك فبعث إليه خمسمائة رجل ليأتوه به فقالوا له يا إدريس إن الجبار بعثنا إليك لنذهب بك إليه فقال لهم إدريس انظروا إلى مصارع أصحابكم فقالوا له يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت أ ما لك رحمة
فقال ما أنا بذاهب إليه و لا أنا بسائل الله أن يمطر السماء عليكم حتى يأتيني جباركم ماشيا حافيا و أهل قريتكم فانطلقوا إلى الجبار فأخبروه بقول إدريس و اسألوه أن يمضي معهم و جميع أهل قريتهم إلى إدريس حفاة مشاة فأتوه حتى وقفوا بين يديه خاضعين له طالبين إليه أن يسأل الله لهم أن يمطر السماء عليهم فقال لهم إدريس أما الآن فنعم فسأل الله تعالى إدريس عند ذلك أن يمطر السماء عليهم و على قريتهم و نواحيها فأظلتهم سحابة من السماء و أرعدت و أبرقت و هطلت عليهم من ساعتهم حتى ظنوا أنها الغرق فما رجعوا إلى منازلهم حتى أهمتهم أنفسهم من الماء