الإمام الصادق عليه السلام :
كتاب المحتضر، للحسن بن سليمان نقلا من كتاب الشفاء و الجلاء بإسناده عن معاوية بن عمار قال
كتاب المحتضر، للحسن بن سليمان نقلا من كتاب الشفاء و الجلاء بإسناده عن معاوية بن عمار قال
سألت أبا عبد الله ع عن آدم أبي البشر أ كان زوج ابنته من ابنه فقال معاذ الله و الله لو فعل ذلك آدم ع لما رغب عنه رسول الله ص و ما كان آدم إلا على دين رسول الله ص فقلت و هذا الخلق من ولد من هم و لم يكن إلا آدم و حواء لأن الله تعالى يقول
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَ نِساءً
فأخبرنا أن هذا الخلق من آدم و حواء ع فقال ع صدق الله و بلغت رسله و أنا على ذلك من الشاهدين فقلت ففسر لي يا ابن رسول الله فقال إن الله تبارك و تعالى لما أهبط آدم و حواء إلى الأرض و جمع بينهما ولدت حواء بنتا فسماها عناقا فكانت أول من بغى على وجه الأرض فسلط الله عليها ذئبا كالفيل و نسرا كالحمار فقتلاها ثم ولد له أثر عناق قابيل بن آدم فلما أدرك قابيل ما يدرك الرجل أظهر الله عز و جل جنية من ولد الجان يقال لها جهانة في صورة إنسية فلما رآها قابيل ومقها فأوحى الله إلى آدم أن زوج جهانة من قابيل فزوجها من قابيل
ثم ولد لآدم هابيل فلما أدرك هابيل ما يدرك الرجل أهبط الله إلى آدم حوراء و اسمها ترك الحوراء فلما رآها هابيل ومقها فأوحى الله إلى آدم أن زوج تركا من هابيل ففعل ذلك فكانت ترك الحوراء زوجه هابيل بن آدم ثم أوحي الله عز و جل إلى آدم سبق علمي أن لا أترك الأرض من عالم يعرف به ديني و أن أخرج ذلك من ذريتك فانظر إلى اسمي الأعظم و إلى ميراث النبوة و ما علمتك من الأسماء كلها و ما يحتاج إليه الخلق من الأثرة عني فادفعه إلى هابيل قال ففعل ذلك آدم بهابيل فلما علم قابيل ذلك من فعل آدم غضب فأتى آدم فقال له يا أبة أ لست أكبر من أخي و أحق بما فعلت به فقال آدم يا بني إنما الأمر بيد الله يؤتيه من يشاء و إن كنت أكبر ولدي فإن الله خصه بما لم يزل له أهلا فإن كنت تعلم أنه خلاف ما قلت و لم تصدقني فقربا قربانا فأيكما قبل قربانه فهو أولى بالفضل من صاحبه قال و كان القربان في ذلك الوقت تنزل نار فتأكله فخرجا فقربا قربانا كما ذكر الله في كتابه
وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ
قال و كان قابيل صاحب زرع فقرب قمحا نسيا رديئا و كان هابيل صاحب غنم فقرب كبشا سمينا من خيار غنمه فأكلت النار قربان هابيل و لم تأكل قربان قابيل فأتاه إبليس لعنه الله فقال يا قابيل إن هذا الأمر الذي أنت فيه ليس بشيء لأنه إنما أنت و أخوك فلو ولد لكما ولد و كثر نسلكما افتخر نسله على نسلك بما خصه به أبوك و لقبول النار قربانه و تركها قربانك و إنك إن قتلته لم يجد أبوك بدا من أن يخصك بما دفعه إليه قال فوثب قابيل إلى هابيل فقتله ثم قال إبليس إن النار التي قبلت القربان هي المعظمة فعظمها و اتخذ لها بيتا و اجعل لها أهلا و أحسن عبادتها و القيام عليها فتقبل قربانك إذا أردت ذلك قال ففعل قابيل ذلك فكان أول من عبد النار و اتخذ بيوت النيران و إن آدم أتى الموضع الذي قتل فيه قابيل أخاه فبكى هناك أربعين صباحا يلعن تلك الأرض حيث قبلت دم ابنه و هو الذي فيه قبلة المسجد الجامع بالبصرة قال و إن هابيل يوم قتل كانت امرأته ترك الحوراء حبلى فولدت غلاما فسماه آدم بسم ابنه هابيل و إن الله عز و جل وهب لآدم بعد هابيل ابنا فسماه شيثا
ثم قال ابني هذا هبة الله فلما أدرك شيث ما يدرك الرجال أهبط الله على آدم حوراء يقال لها ناعمة في صورة إنسية فلما رآها شيث ومقها فأوحى الله إلى آدم أن زوج ناعمة من شيث ففعل ذلك آدم فكانت ناعمة الحوراء زوجة شيث فولدت له جارية فسماها آدم حورية فلما أدركت أوحى الله إلى آدم أن زوج حورية من هابيل بن هابيل ففعل ذلك آدم فهذا الخلق الذي ترى من هذا النسل و هو قوله تعالى
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَ نِساءً و قوله وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها
أي من الطينة التي خلق منها آدم قال فلما انقضت نبوة آدم و فني أجله أوحى الله إليه قد انقضت نبوتك و فنيت أيامك فانظر إلى اسم الله الأعظم و ما علمتك من الأسماء كلها و أثره النبوة و ما يحتاج الناس إليه فادفعه إلى شيث و أمره أن يقبله بكتمان و تقية من أخيه لئلا يقتله كما قتل هابيل فإنه قد سبق في علمي أن لا أخلي الأرض من عالم يعرف به ديني و يكون فيه نجاة لمن تولاه فيما بينه و بين العالم الذي آمره بإظهار ديني و أخرج ذلك من ذرية شيث و عقبة
فدعا آدم شيثا و قال يا بني اخرج و تعرض لجبرئيل أو لمن لقيت من الملائكة و أخبره بوجعي و اسأله أن يهدي إلي من فاكهة الجنة قبل أن أموت و قد كان سبق في علم الله تعالى أن لا يأكل آدم من ثمار الجنة حتى يعود إليها فخرج شيث فلقي جماعة من الملائكة فأبلغهم ما أمره آدم فقال جبرئيل يا شيث آجرك الله في أبيك فقد قضى نحبه فأهبطنا لنحضر الصلاة على أبيك فانصرف مع الملائكة فوجد أباه قد مات فغسله شيث مع جبرئيل ع فلما فرغ شيث من غسله قال لجبرئيل تقدم فصل على آدم فقال له جبرئيل إنا معاشر الملائكة أمرنا بالسجود لأبيك و ليس لأحد منا أن يتقدم بين يدي الأوصياء من ذريته قال فتقدم شيث فصلى على آدم فكبر عليه ثلاثين تكبيرة بأمر جبرئيل فأقبل قابيل على شيث فقال له أين الذي دفعه إليك أبوك مما كان دفعه إلى هابيل فأنكر ذلك و علم أنه إن أقر قتله فلم يزل شيث يخبر العقب من ذريته و يبشرهم ببعثة نوح و يأمرهم بالكتمان و إن آدم أخبره أن الله بشره بأنه باعث من ذريته نبيا يقال له نوح يدعو قومه إلى الله فيكذبونه فيهلكهم بالغرق و كان بين آدم و نوح عشرة آباء