غيرالمعصوم :
و مما روي من سياق حديث ذي القرنين حدثنا به محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال حدثنا عبد العزيز بن يحيى بن سعيد البصري قال حدثنا محمد بن عطية قال حدثنا عبد الله بن
و مما روي من سياق حديث ذي القرنين حدثنا به محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه قال حدثنا عبد العزيز بن يحيى بن سعيد البصري قال حدثنا محمد بن عطية قال حدثنا عبد الله بن عمرو بن سعيد البصري قال حدثنا هشام بن جعفر بن حماد عن عبد الله بن سليمان و كان قارئا للكتب قال
قرأت في بعض كتب الله عز و جل أن ذا القرنين كان رجلا من أهل الإسكندرية و أمه عجوز من عجائزهم و ليس لها ولد غيره يقال له إسكندروس و كان له أدب و خلق و عفة من وقت ما كان غلاما إلى أن بلغ رجلا و كان قد رأى في المنام كأنه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنيها في شرقها و غربها فلما قص رؤياه على قومه سموه ذا القرنين فلما رأى هذه الرؤيا بعدت همته و علا صوته و عز في قومه و كان أول ما اجتمع عليه أمره أن قال أسلمت لله عز و جل ثم دعا قومه إلى الإسلام فأسلموا هيبة له ثم أمرهم أن يبنوا له مسجدا فأجابوه إلى ذلك فأمر أن يجعلوا طوله أربعمائة ذراع و عرضه مائتي ذراع و عرض حائطه اثنين و عشرين ذراعا و علوه إلى السماء مائة ذراع فقالوا له يا ذا القرنين كيف لك بخشب يبلغ ما بين الحائطين
فقال لهم إذا فرغتم من بنيان الحائطين فاكبسوه بالتراب حتى يستوي الكبس مع حيطان المسجد فإذا فرغتم من ذلك فرضتم على كل رجل من المؤمنين على قدره من الذهب و الفضة ثم قطعتموه مثل قلامة الظفر و خلطتموه مع ذلك الكبس و عملتم له خشبا من نحاس و صفائح من نحاس تذيبون ذلك و أنتم متمكنون من العمل كيف شئتم على أرض مستوية فإذا فرغتم من ذلك دعوتم المساكين لنقل ذلك التراب فيسارعون فيه من أجل ما فيه من الذهب و الفضة فبنوا المسجد و أخرج المساكين ذلك التراب و قد استقل السقف بما فيه و استغنى فجندهم أربعة أجناد في كل جند عشرة آلاف ثم نشرهم في البلاد و حدث نفسه بالمسير و اجتمع إليه قومه فقالوا له يا ذا القرنين ننشدك بالله ألا تؤثر علينا بنفسك غيرنا فنحن أحق برؤيتك و فينا كان مسقط رأسك و بيننا نشأت و ربيت و هذه أموالنا و أنفسنا فأنت الحاكم فيها و هذه أمك عجوزة كبيرة و هي أعظم خلق الله عليك حقا فليس ينبغي لك أن تعصيها و تخالفها
فقال لهم و الله إن القول لقولكم و إن الرأي لرأيكم و لكنني بمنزلة المأخوذ بقلبه و سمعه و بصره يقاد و يدفع من خلفه لا يدري أين يؤخذ به و ما يراد به و لكن هلموا يا معشر قومي فادخلوا هذا المسجد و أسلموا عن آخركم و لا تخالفوا علي فتهلكوا ثم دعا دهقان الإسكندرية فقال له اعمر مسجدي و عز عني أمي فلما رأى الدهقان جزع أمه و طول بكائها احتال لها ليعزيها بما أصاب الناس قبلها و بعدها من المصائب و البلاء فصنع عيدا عظيما ثم أذن مؤذنه يا أيها الناس إن الدهقان يؤذنكم لتحضروا يوم كذا و كذا فلما كان ذلك اليوم أذن مؤذنه أسرعوا و احذروا أن يحضر هذا العيد إلا رجل قد عري من البلايا و المصائب فاحتبس الناس كلهم و قالوا ليس فينا أحد عري من البلاء ما منا أحد إلا و قد أصيب ببلاء أو بموت حميم فسمعت أم ذي القرنين هذا فأعجبها و لم تدر ما يريد الدهقان ثم إن الدهقان بعث مناديا ينادي
فقال يا أيها الناس إن الدهقان قد أمركم أن تحضروه يوم كذا و كذا و لا يحضره إلا رجل قد ابتلي و أصيب و فجع و لا يحضره أحد عري من البلاء فإنه لا خير فيمن لا يصيبه البلاء فلما فعل ذلك قال الناس هذا رجل قد كان بخل ثم ندم فاستحيا فتدارك أمره و محا عيبه فلما اجتمع الناس خطبهم فقال يا أيها الناس إني لم أجمعكم لما دعوتكم له و لكني جمعتكم لأكلمكم في ذي القرنين و فيما فجعنا به من فقده و فراقه فاذكروا آدم