الإمام علي عليه السلام :
و من المناقب، عن أم سلمة و سلمان الفارسي و علي بن أبي طالب ع و كل قالوا
و من المناقب، عن أم سلمة و سلمان الفارسي و علي بن أبي طالب ع و كل قالوا
إنه لما أدركت فاطمة بنت رسول الله ص مدرك النساء خطبها أكابر قريش من أهل الفضل و السابقة في الإسلام و الشرف و المال و كان كلما ذكرها رجل من قريش لرسول الله ص أعرض عنه رسول الله ص بوجهه حتى كان الرجل منهم يظن في نفسه أن رسول الله ص ساخط عليه أو قد نزل على رسول الله ص فيه وحي من السماء و لقد خطبها من رسول الله ص أبو بكر فقال له رسول الله ص أمرها إلى ربها و خطبها بعد أبي بكر عمر بن الخطاب فقال له رسول الله ص كمقالته لأبي بكر قال و إن أبا بكر و عمر كانا ذات يوم جالسين في مسجد رسول الله ص و معهما سعد بن معاذ الأنصاري ثم الأوسي فتذاكروا من فاطمة بنت رسول الله ص فقال أبو بكر قد خطبها الأشراف من رسول الله ص فقال إن أمرها إلى ربها إن شاء أن يزوجها زوجها و إن علي بن أبي طالب لم يخطبها من رسول الله ص و لم يذكرها له و لا أراه يمنعه من ذلك إلا قلة ذات اليد و إنه ليقع في نفسي أن الله عز و جل و رسوله ص إنما يحبسانها عليه
قال ثم أقبل أبو بكر على عمر بن الخطاب و على سعد بن معاذ فقال هل لكما في القيام إلى علي بن أبي طالب حتى نذكر له هذا فإن منعه قلة ذات اليد واسيناه و أسعفناه فقال له سعد بن معاذ وفقك الله يا أبا بكر فما زلت موفقا قوموا بنا على بركة الله و يمنه قال سلمان الفارسي فخرجوا من المسجد و التمسوا عليا في منزله فلم يجدوه و كان ينضح ببعير كان له الماء على نخل رجل من الأنصار بأجرة فانطلقوا نحوه فلما نظر إليهم علي ع قال ما وراءكم و ما الذي جئتم له فقال أبو بكر يا أبا الحسن إنه لم يبق خصلة من خصال الخير إلا و لك فيها سابقة و فضل و أنت من رسول الله ص بالمكان الذي قد عرفت من القرابة و الصحبة و السابقة و قد خطب الأشراف من قريش إلى رسول الله ص ابنته فاطمة فردهم و قال إن أمرها إلى ربها إن شاء أن يزوجها زوجها فما يمنعك أن تذكرها لرسول الله ص و تخطبها منه فإني أرجو أن يكون الله عز و جل و رسوله ص إنما يحبسانها عليك قال فتغرغرت عينا علي بالدموع و قال يا أبا بكر لقد هيجت مني ساكنا و أيقظتني لأمر كنت عنه غافلا و الله إن فاطمة لموضع رغبة و ما مثلي قعد عن مثلها غير أنه يمنعني من ذلك قلة ذات اليد
فقال أبو بكر لا تقل هذا يا أبا الحسن فإن الدنيا و ما فيها عند الله تعالى و رسوله كهباء منثور قال ثم إن علي بن أبي طالب ع حل عن ناضحه و أقبل يقوده إلى منزله فشده فيه و لبس نعله و أقبل إلى رسول الله ص فكان رسول الله ص في منزل زوجته أم سلمة ابنة أبي أمية بن المغيرة المخزومي فدق علي ع الباب فقالت أم سلمة من بالباب فقال لها رسول الله ص من قبل أن يقول علي أنا علي قومي يا أم سلمة فافتحي له الباب و مريه بالدخول فهذا رجل يحبه الله و رسوله و يحبهما فقالت أم سلمة فداك أبي و أمي و من هذا الذي تذكر فيه هذا و أنت لم تره فقال مه يا أم سلمة فهذا رجل ليس بالخرق و لا بالنزق هذا أخي و ابن عمي و أحب الخلق إلي قالت أم سلمة فقمت مبادرة أكاد أن أعثر بمرطي ففتحت الباب فإذا أنا بعلي بن أبي طالب ع و و الله ما دخل حين فتحت حتى علم أني قد رجعت إلى خدري ثم إنه دخل على رسول الله ص فقال السلام عليك يا رسول الله و رحمة الله و بركاته فقال له النبي ص و عليك السلام يا أبا الحسن اجلس قالت أم سلمة فجلس علي بن أبي طالب ع بين يدي رسول الله ص و جعل ينظر إلى الأرض كأنه قصد الحاجة و هو يستحيي أن يبديها فهو مطرق إلى الأرض حياء من رسول الله ص
فقالت أم سلمة فكان النبي ص علم ما في نفس علي ع فقال له يا أبا الحسن إني أرى أنك أتيت لحاجة فقل حاجتك و أبد ما في نفسك فكل حاجة لك عندي مقضية قال علي ع فقلت فداك أبي و أمي إنك لتعلم أنك أخذتني من عمك أبي طالب و من فاطمة بنت أسد و أنا صبي لا عقل لي فغذيتني بغذائك و أدبتني بأدبك فكنت إلي أفضل من أبي طالب و من فاطمة بنت أسد في البر و الشفقة و إن الله تعالى هداني بك و على يديك و استنقذني مما كان عليه آبائي و أعمامي من الحيرة و الشك و إنك و الله يا رسول الله ذخري و ذخيرتي في الدنيا و الآخرة يا رسول الله فقد أحببت مع ما شد الله من عضدي بك أن يكون لي بيت و أن يكون لي زوجة أسكن إليها و قد أتيتك خاطبا راغبا أخطب إليك ابنتك فاطمة فهل أنت مزوجي يا رسول الله قالت أم سلمة فرأيت وجه رسول الله ص يتهلل فرحا و سرورا ثم تبسم في وجه علي ع فقال يا أبا الحسن فهل معك شيء أزوجك به فقال علي ع فداك أبي و أمي و الله ما يخفى عليك من أمري شيء أملك سيفي و درعي و ناضحي و ما أملك شيئا غير هذا
فقال له رسول الله ص يا علي أما سيفك فلا غنا بك عنه تجاهد به في سبيل الله و تقاتل به أعداء الله و ناضحك تنضح به على نخلك و أهلك و تحمل عليه رحلك في سفرك و لكني قد زوجتك بالدرع و رضيت بها منك يا أبا الحسن أبشرك قال علي ع قلت نعم فداك أبي و أمي بشرني فإنك لم تزل ميمون النقيبة مبارك الطائر رشيد الأمر صلى الله عليك فقال لي رسول الله ص أبشر يا أبا الحسن فإن الله عز و جل قد زوجكها في السماء من قبل أن أزوجك في الأرض و لقد هبط علي في موضعي من قبل أن تأتيني ملك من السماء له وجوه شتى و أجنحة شتى لم أر قبله من الملائكة مثله فقال لي السلام عليك و رحمة الله و بركاته أبشر يا محمد باجتماع الشمل و طهارة النسل فقلت و ما ذاك أيها الملك فقال لي يا محمد أنا سيطائيل الملك الموكل بإحدى قوائم العرش سألت ربي عز و جل أن يأذن لي في بشارتك و هذا جبرئيل ع في أثري يخبرك عن ربك عز و جل بكرامة الله عز و جل قال النبي ص فما استتم كلامه حتى هبط علي جبرئيل فقال السلام عليك و رحمة الله و بركاته يا نبي الله ثم إنه وضع في يدي حريرة بيضاء من حرير الجنة و فيه سطران مكتوبان بالنور
فقلت حبيبي جبرئيل ما هذه الحريرة و ما هذه الخطوط فقال جبرئيل يا محمد إن الله عز و جل اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختارك من خلقه فبعثك برسالته ثم اطلع إلى الأرض ثانية فاختار لك منها أخا و وزيرا و صاحبا و ختنا فزوجه ابنتك فاطمة فقلت حبيبي جبرئيل و من هذا الرجل فقال لي يا محمد أخوك في الدنيا و ابن عمك في النسب علي بن أبي طالب و إن الله أوحى إلى الجنان أن تزخرفي فتزخرفت الجنان و إلى شجرة طوبى احملي الحلي و الحلل و تزينت الحور العين و أمر الله الملائكة أن تجتمع في السماء الرابعة عند البيت المعمور فهبط من فوقها إليها و صعد من تحتها إليها و أمر الله عز و جل رضوان فنصب منبر الكرامة على باب البيت المعمور و هو الذي خطب عليه آدم عرض الأسماء على الملائكة و هو منبر من نور فأوحى إلى ملك من ملائكة حجبه يقال له راحيل أن يعلو ذلك المنبر و أن يحمده بمحامده و يمجده و بتمجيده و أن يثني عليه بما هو أهله و ليس في الملائكة أحسن منطقا و لا أحلى لغة من راحيل الملك فعلا المنبر و حمد ربه و مجده و قدسه و أثنى عليه بما هو أهله فارتجت السماوات فرحا و سرورا
قال جبرئيل ثم أوحى الله إلي أن أعقد عقدة النكاح فإني قد زوجت أمتي فاطمة بنت حبيبي محمد عبدي علي بن أبي طالب فعقدت عقدة النكاح و أشهدت على ذلك الملائكة أجمعين و كتب شهادتهم في هذه الحريرة و قد أمرني ربي عز و جل أن أعرضها عليك و أن أختمها بخاتم مسك و أن أدفعها إلى رضوان و إن الله عز و جل لما أشهد الملائكة على تزويج علي من فاطمة أمر شجرة طوبى أن تنثر حملها من الحلي و الحلل فنثرت ما فيها فالتقطته الملائكة و الحور العين و إن الحور العين ليتهادينه و يفخرن به إلى يوم القيامة يا محمد إن الله عز و جل أمرني أن آمرك أن تزوج عليا في الأرض فاطمة و تبشرهما بغلامين زكيين نجيبين طاهرين طيبين خيرين فاضلين في الدنيا و الآخرة يا أبا الحسن فو الله ما عرج الملك من عندي حتى دققت الباب ألا و إني منفذ فيك أمر ربي عز و جل امض يا أبا الحسن أمامي فإني خارج إلى المسجد و مزوجك على رءوس الناس و ذاكر من فضلك ما تقر به عينك و أعين محبيك في الدنيا و الآخرة قال علي فخرجت من عند رسول الله ص مسرعا و أنا لا أعقل فرحا و سرورا
فاستقبلني أبو بكر و عمر فقالا ما وراءك فقلت زوجني رسول الله ص ابنته فاطمة و أخبرني أن الله عز و جل زوجنيها من السماء و هذا رسول الله ص خارج في أثري ليظهر ذلك بحضرة الناس ففرحا بذلك فرحا شديدا و رجعا معي إلى المسجد فما توسطناه حتى لحق بنا رسول الله ص و إن وجهه ليتهلل سرورا و فرحا فقال يا بلال فأجابه فقال لبيك يا رسول الله قال اجمع إلي المهاجرين و الأنصار فجمعهم ثم رقى درجة من المنبر فحمد الله و أثنى عليه و قال معاشر المسلمين إن جبرئيل أتاني آنفا فأخبرني عن ربي عز و جل أنه جمع الملائكة عند البيت المعمور و أنه أشهدهم جميعا أنه زوج أمته فاطمة ابنة رسول الله من عبده علي بن أبي طالب و أمرني أن أزوجه في الأرض و أشهدكم على ذلك ثم جلس و قال لعلي ع قم يا أبا الحسن فاخطب أنت لنفسك قال فقام فحمد الله و أثنى عليه و صلى على النبي ص
و قال الحمد لله شكرا لأنعمه و أياديه و لا إله إلا الله شهادة تبلغه و ترضيه و صلى الله على محمد صلاة تزلفه و تحظيه و النكاح مما أمر الله عز و جل به و رضيه و مجلسنا هذا مما قضاه الله و أذن فيه و قد زوجني رسول الله ص ابنته فاطمة و جعل صداقها درعي هذا و قد رضيت بذلك فاسألوه و اشهدوا فقال المسلمون لرسول الله ص زوجته يا رسول الله فقال نعم فقالوا بارك الله لهما و عليهما و جمع شملهما و انصرف رسول الله إلى أزواجه فأمرهن أن يدففن لفاطمة فضربن بالدفوف قال علي فأقبل رسول الله ص فقال يا أبا الحسن انطلق الآن فبع درعك و ائتني بثمنه حتى أهيئ لك و لابنتي فاطمة ما يصلحكما قال علي فانطلقت فبعته بأربعمائة درهم سود هجرية من عثمان بن عفان فلما قبضت الدراهم منه و قبض الدرع مني
قال يا أبا الحسن لست أولى بالدرع منك و أنت أولى بالدرهم مني فقلت بلى قال فإن الدرع هدية مني إليك فأخذت الدرع و الدراهم و أقبلت إلى رسول الله ص فطرحت الدرع و الدراهم بين يديه و أخبرته بما كان من أمر عثمان فدعا له بخير و قبض رسول الله ص قبضة من الدراهم و دعا بأبي بكر فدفعها إليه و قال يا أبا بكر اشتر بهذه الدراهم لابنتي ما يصلح لها في بيتها و بعث معه سلمان و بلالا ليعيناه على حمل ما يشتريه قال أبو بكر و كانت الدراهم التي أعطانيها ثلاثة و ستين درهما فانطلقت و اشتريت فراشا من خيش مصر محشوا بالصوف و نطعا من أدم و وسادة من أدم حشوها من ليف النخل و عباءة خيبرية و قربة للماء و كيزانا و جرارا و مطهرة للماء و ستر صوف رقيقا و حملناه جميعا حتى وضعناه بين يدي رسول الله ص فلما نظر إليه بكى و جرت دموعه ثم رفع رأسه إلى السماء و قال اللهم بارك لقوم جل آنيتهم الخزف قال علي و دفع رسول الله ص باقي ثمن الدرع إلى أم سلمة
فقال اتركي هذه الدراهم عندك و مكثت بعد ذلك شهرا لا أعاود رسول الله ص في أمر فاطمة بشيء استحياء من رسول الله ص غير أني كنت إذا خلوت برسول الله يقول لي يا أبا الحسن ما أحسن زوجتك و أجملها أبشر يا أبا الحسن فقد زوجتك سيدة نساء العالمين قال علي فلما كان بعد شهر دخل علي أخي عقيل بن أبي طالب فقال يا أخي ما فرحت بشيء كفرحي بتزويجك فاطمة بنت محمد ص يا أخي فما بالك لا تسأل رسول الله ص يدخلها عليك فنقر عينا باجتماع شملكما قال علي و الله يا أخي إني لأحب ذلك و ما يمنعني من مسألته إلا الحياء منه فقال أقسمت عليك إلا قمت معي فقمنا نريد رسول الله ص فلقينا في طريقنا أم أيمن مولاة رسول الله ص فذكرنا ذلك لها فقالت لا تفعل و دعنا نحن نكلمه فإن كلام النساء في هذا الأمر أحسن و أوقع بقلوب الرجال ثم انثنت راجعة فدخلت إلى أم سلمة فأعلمتها بذلك و أعلمت نساء النبي ص فاجتمعن عند رسول الله ص و كان في بيت عائشة فأحدقن به و قلن فديناك بآبائنا و أمهاتنا يا رسول الله قد اجتمعنا لأمر لو أن خديجة في الأحياء لقرت بذلك عينها
قالت أم سلمة فلما ذكرنا خديجة بكى رسول الله ص ثم قال خديجة و أين مثل خديجة صدقتني حين كذبني الناس و وازرتني على دين الله و أعانتني عليه بمالها إن الله عز و جل أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب الزمرد لا صخب فيه و لا نصب قالت أم سلمة فقلنا فديناك بآبائنا و أمهاتنا يا رسول الله إنك لم تذكر من خديجة أمرا إلا و قد كانت كذلك غير أنها قد مضت إلى ربها فهنأها الله بذلك و جمع بيننا و بينها في درجات جنته و رضوانه و رحمته يا رسول الله و هذا أخوك في الدنيا و ابن عمك في النسب علي بن أبي طالب يحب أن تدخل عليه زوجته فاطمة ع و تجمع بها شمله فقال يا أم سلمة فما بال علي لا يسألني ذلك فقلت يمنعه الحياء منك يا رسول الله قالت أم أيمن فقال لي رسول الله ص انطلقي إلى علي فأتيني به فخرجت من عند رسول الله ص فإذا علي ينتظرني ليسألني عن جواب رسول الله ص
فلما رآني قال ما وراك يا أم أيمن قلت أجب رسول الله ص قال ع فدخلت عليه و قمن أزواجه فدخلن البيت و جلست بين يديه مطرقا نحو الأرض حياء منه فقال أ تحب أن تدخل عليك زوجتك فقلت و أنا مطرق نعم فداك أبي و أمي فقال نعم و كرامة يا أبا الحسن أدخلها عليك في ليلتنا هذه أو في ليلة غد إن شاء الله فقمت فرحا مسرورا و أمر ص أزواجه أن يزين فاطمة ع و يطيبنها و يفرشن لها بيتا ليدخلنها على بعلها ففعلن ذلك و أخذ رسول الله ص من الدراهم التي سلمها إلى أم سلمة عشرة دراهم فدفعها إلي و قال اشتر سمنا و تمرا و أقطا فاشتريت و أقبلت به إلى رسول الله ص فحسر عن ذراعيه و دعا بسفرة من أدم و جعل يشدخ التمر و السمن و يخلطهما بالأقط حتى اتخذه حيسا ثم قال يا علي ادع من أحببت فخرجت إلى المسجد و أصحاب رسول الله ص متوافرون فقلت أجيبوا رسول الله ص فقاموا جميعا و أقبلوا نحو النبي ص فأخبرته أن القوم كثير فجلل السفرة بمنديل و قال أدخل علي عشرة بعد عشرة ففعلت و جعلوا يأكلون و يخرجون و لا ينقص الطعام حتى لقد أكل من ذلك الحيس سبع مائة رجل و امرأة ببركة النبي ص
قالت أم سلمة ثم دعا بابنته فاطمة و دعا بعلي ع فأخذ عليا بيمينه و فاطمة بشماله و جمعهما إلى صدره فقبل بين أعينهما و دفع فاطمة إلى علي و قال يا علي نعم الزوجة زوجتك ثم أقبل على فاطمة و قال يا فاطمة نعم البعل بعلك ثم قام يمشي بينهما حتى أدخلهما بيتهما الذي هيئ لهما ثم خرج من عندهما فأخذ بعضادتي الباب فقال طهركما الله و طهر نسلكما أنا سلم لمن سالمكما و حرب لمن حاربكما أستودعكما الله و أستخلفه عليكما قال علي و مكث رسول الله ص بعد ذلك ثلاثا لا يدخل علينا فلما كان في صبيحة اليوم الرابع جاءنا ليدخل علينا فصادف في حجرتنا أسماء بنت عميس الخثعمية فقال لها ما يقفك هاهنا و في الحجرة رجل فقالت فداك أبي و أمي إن الفتاة إذا زفت إلى زوجها تحتاج إلى امرأة تتعاهدها و تقوم بحوائجها فأقمت هاهنا لأقضي حوائج فاطمة ع قال ص يا أسماء قضى الله لك حوائج الدنيا و الآخرة قال علي ع و كانت غداة قرة و كنت أنا و فاطمة تحت العباء
فلما سمعنا كلام رسول الله ص لأسماء ذهبنا لنقوم فقال بحقي عليكما لا تفترقا حتى أدخل عليكما فرجعنا إلى حالنا و دخل ص و جلس عند رءوسنا و أدخل رجليه فيما بيننا و أخذت رجله اليمنى فضممتها إلى صدري و أخذت فاطمة رجله اليسرى فضمتها إلى صدرها و جعلنا ندفئ رجليه من القر حتى إذا دفئتا قال يا علي ائتني بكوز من ماء فأتيته فتفل فيه ثلاثا و قرأ فيه آيات من كتاب الله تعالى ثم قال يا علي اشربه و اترك فيه قليلا ففعلت ذلك فرش باقي الماء على رأسي و صدري و قال أذهب الله عنك الرجس يا أبا الحسن و طهرك تطهيرا و قال ائتني بماء جديد فأتيته به ففعل كما فعل و سلمة إلى ابنته ع و قال لها اشربي و اتركي منه قليلا ففعلت فرشه على رأسها و صدرها و قال ص أذهب الله عنك الرجس و طهرك تطهيرا و أمرني بالخروج من البيت و خلا بابنته و قال كيف أنت يا بنية و كيف رأيت زوجك قالت له يا أبة خير زوج إلا أنه دخل علي نساء من قريش و قلن لي زوجك رسول الله ص من فقير لا مال له
فقال لها يا بنية ما أبوك بفقير و لا بعلك بفقير و لقد عرضت علي خزائن الأرض من الذهب و الفضة فاخترت ما عند ربي عز و جل يا بنية لو تعلمين ما علم أبوك لسمجت الدنيا في عينيك و الله يا بنية ما ألوتك نصحا إن زوجتك أقدمهم سلما و أكثرهم علما و أعظمهم حلما يا بنية إن الله عز و جل اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختار من أهلها رجلين فجعل أحدهما أباك و الآخر بعلك يا بنية نعم الزوج زوجك لا تعصي له أمرا ثم صاح بي رسول الله ص يا علي فقلت لبيك يا رسول الله قال ادخل بيتك و الطف بزوجتك و ارفق بها فإن فاطمة بضعة مني يؤلمني ما يؤلمها و يسرني ما يسرها أستودعكما الله و أستخلفه عليكما قال علي ع فو الله ما أغضبتها و لا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله عز و جل و لا أغضبتني و لا عصت لي أمرا و لقد كنت أنظر إليها فتنكشف عني الهموم و الأحزان قال علي ع ثم قال رسول الله ص لينصرف فقالت له فاطمة يا أبة لا طاقة لي بخدمة البيت فأخدمني خادما تخدمني و تعينني على أمر البيت فقال لها يا فاطمة أ و لا تريدين خيرا من الخادم فقال على قولي بلى قالت يا أبة خيرا من الخادم
فقال تسبحين الله عز و جل في كل يوم ثلاثا و ثلاثين مرة و تحمدينه ثلاثا و ثلاثين مرة و تكبرينه أربعا و ثلاثين مرة فذلك مائة باللسان و ألف حسنة في الميزان يا فاطمة إنك إن قلتها في صبيحة كل يوم كفاك الله ما أهمك من أمر الدنيا و الآخرة