الإمام الجواد عليه السلام :
و حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله قال حدثني جعفر بن مالك الفزاري قال حدثنا محمد بن إسماعيل الحسني عن أبي محمد الحسن بن علي قال
و حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله قال حدثني جعفر بن مالك الفزاري قال حدثنا محمد بن إسماعيل الحسني عن أبي محمد الحسن بن علي قال
كان أبو جعفر شديد الأدمة و لقد قال فيه الشاكون المرتابون و سنه خمس و عشرين شهرا إنه ليس هو من ولد الرضا ع و قالوا لعنهم الله إنه من سنيف الأسود مولاه و قالوا من لؤلؤ و أنهم أخذوه و الرضا عند المأمون فحملوه إلى القافة و هو طفل بمكة في مجمع من الناس بالمسجد الحرام فعرضوه عليهم فلما نظروا إليه و زرقوه بأعينهم خرجوا لوجوههم سجدا ثم قاموا فقالوا لهم يا ويحكم مثل هذا الكوكب الدري و النور المنير يعرض على أمثالنا و هذا و الله الحسب الزكي و النسب المهذب الطاهر و الله ما تردد إلا في أصلاب زاكية و أرحام طاهرة و و الله ما هو إلا من ذرية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و رسول الله فارجعوا و استقيلوا الله و استغفروه و لا تشكوا في مثله و كان في ذلك الوقت سنه خمس و عشرين شهرا فنطق بلسان أرهف من السيف و أفصح من الفصاحة يقول الحمد لله الذي خلقنا من نوره بيده و اصطفانا من بريته و جعلنا أمناءه على خلقه و وحيه
معاشر الناس إنا محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي سيد العابدين بن الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و ابن فاطمة الزهراء و ابن محمد المصطفى ففي مثلي يشك و علي و على أبوي يفترى أعرض على القافة و قال و الله إنني لأعلم بأنسابهم من آبائهم إني و الله لأعلم بواطنهم و ظواهرهم و إني لأعلم بهم أجمعين و ما هم إليه صائرون أقوله حقا و أظهره صدقا و عدلا علما ورثناه الله قبل الخلق أجمعين و بعد بناء السماوات و الأرضين و ايم الله لو لا تظاهر الباطل علينا و غلبة دولة الكفر و توثب أهل الشكوك و الشرك و الشقاق علينا لقلت قولا يتعجب منه الأولون و الآخرون ثم وضع يده على فيه ثم قال يا محمد اصمت كما صمت آباؤك
فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ
إلى آخر الآية ثم تولى الرجل إلى جانبه فقبض على يده و مشى يتخطى رقاب الناس و الناس يفرجون له قال فرأيت مشيخة ينظرون و يقولون الله أعلم حيث يجعل رسالته فسألت عن المشيخة قيل هؤلاء قوم من حي بني هاشم من أولاد عبد المطلب
و قال و بلغ الخبر الرضا علي بن موسى ع و ما صنع بابنه محمد فقال الحمد لله ثم التفت إلى بعض من بحضرته من شيعته فقال هل علمتم ما قد رميت به مارية القبطية و ما ادعى عليها في ولادتها إبراهيم بن رسول الله قالوا لا يا سيدنا أنت أعلم فخبرنا لنعلم قال إن مارية لما أهديت إلى جدي رسول الله أهديت مع جوار له قسمهن رسول الله على أصحابه و ظن بمارية من دونهن و كان معها خادم يقال له جريح يؤدبها بآداب الملوك و أسلمت على يد رسول الله و أسلم جريح معها و حسن إيمانهما و إسلامهما فملكت مارية قلب رسول الله فحسدها بعض أزواج رسول الله فأقبلت زوجتان من أزواج رسول الله إلى أبويهما تشكوان رسول الله فعله و ميله إلى مارية و إيثاره إياها عليهما حتى سولت لهما نفسهما أن تقولا إن مارية إنما حملت بإبراهيم من جريح و كانوا لا يظنون جريحا خادما زمانا فأقبل أبواهما إلى رسول الله و هو جالس في مسجده فجلسا بين يديه و قالا يا رسول الله ما يحل لنا و لا يسعنا أن نكتمك ما ظهرنا عليه من خيانة واقعة بك
قال و ما ذا تقولان قالا يا رسول الله إن جريحا يأتي من مارية الفاحشة العظمى و إن حملها من جريح و ليس هو منك يا رسول الله فأربد وجه رسول الله و عرضت له سهوة لعظم ما تلقياه به ثم قال ويحكما ما تقولان فقالا يا رسول الله إننا خلفنا جريحا و مارية في مشربة و هو يفاكهها و يلاعبها و يروم منها ما تروم الرجال من النساء فابعث إلى جريح فإنك تجده على هذه الحال فأنفذ فيه حكمك و حكم الله تعالى فقال النبي يا أبا الحسن خذ معك سيفك ذا الفقار حتى تمضي إلى مشربة مارية فإن صادفتها و جريحا كما يصفان فأخمدها ضربا فقام علي و اتشح بسيفه و أخذه تحت ثوبه فلما ولى و مر من بين يدي رسول الله أتى إليه راجعا فقال له يا رسول الله أكون فيما أمرتني كالسكة المحماة في النار أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب فقال النبي فديتك يا علي بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب قال فأقبل علي و سيفه في يده حتى تسور من فوق مشربة مارية و هي و جريح معها يؤدبها بآداب الملوك و يقول لها أعظمي رسول الله و كنيه و أكرميه و نحو من هذا الكلام فنظر جريح إلى أمير المؤمنين و سيفه مشهر بيده ففزع منه جريح و أتى إلى نخلة في دار المشربة فصعد إلى رأسها
فنزل أمير المؤمنين إلى المشربة و كشف الريح عن أثواب جريح فانكشف ممسوحا فقال انزل يا جريح فقال يا أمير المؤمنين آمن على نفسي قال آمن على نفسك قال فنزل جريح و أخذ بيده أمير المؤمنين و جاء به إلى رسول الله فأوقفه بين يديه و قال له يا رسول الله إن جريحا خادما ممسوحا فولى النبي وجهه إلى الجدار و قال حل لهما لعنهما الله يا جريح اكشف عن نفسك حتى يتبين كذبهما ويحهما ما أجراهما على الله و على رسوله فكشف جريح عن أثوابه فإذا هو خادم ممسوح كما وصف فسقطا بين يدي رسول الله و قالا يا رسول الله التوبة استغفر لنا فلن نعود فقال رسول الله لا تاب الله عليكما فما ينفعكما استغفاري و معكما هذه الجرأة على الله و على رسوله قالا يا رسول الله فإن استغفرت لنا رجونا أن يغفر لنا ربنا فأنزل الله الآية
إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ
قال الرضا علي بن موسى الحمد لله الذي جعل في و في ابني محمد أسوة برسول الله و ابنه إبراهيم و لما بلغ عمره ست سنين و شهور قتل المأمون أباه و بقيت الطائفة في حيرة و اختلفت الكلمة بين الناس و استصغر سن أبي جعفر و تحير الشيعة في سائر الأمصار