الإمام علي عليه السلام :
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْغَنَوِيِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ
عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ دَاوُدَ الْغَنَوِيِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ قَالَ
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ص فَقَال يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ نَاساً زَعَمُوا أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَزْنِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَسْرِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَأْكُلُ الرِّبَا وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لَا يَسْفِكُ الدَّمَ الْحَرَامَ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَقَدْ ثَقُلَ عَلَيَّ هَذَا وَ حَرِجَ مِنْهُ صَدْرِي حِينَ أَزْعُمُ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ يُصَلِّي صَلَاتِي وَ يَدْعُو دُعَائِي وَ يُنَاكِحُنِي وَ أُنَاكِحُهُ وَ يُوَارِثُنِي وَ أُوَارِثُهُ وَ قَدْ خَرَجَ مِنَ الْإِيمَانِ مِنْ أَجْلِ ذَنْبٍ يَسِيرٍ أَصَابَهُ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ص صَدَقْتَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ص يَقُولُ وَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ النَّاسَ عَلَى ثَلَاثِ طَبَقَاتٍ وَ أَنْزَلَهُمْ ثَلَاثَ مَنَازِلَ
وَ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي الْكِتَابِ
أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ وَ السَّابِقُونَ
فَأَمَّا مَا ذَكَرَ مِنْ أَمْرِ السَّابِقِينَ فَإِنَّهُمْ أَنْبِيَاءُ مُرْسَلُونَ وَ غَيْرُ مُرْسَلِينَ جَعَلَ اللَّهُ فِيهِمْ خَمْسَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْقُدُسِ وَ رُوحَ الْإِيمَانِ وَ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْبَدَنِ فَبِرُوحِ الْقُدُسِ بُعِثُوا أَنْبِيَاءَ مُرْسَلِينَ وَ غَيْرَ مُرْسَلِينَ وَ بِهَا عَلِمُوا الْأَشْيَاءَ وَ بِرُوحِ الْإِيمَانِ عَبَدُوا اللَّهَ وَ لَمْ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِرُوحِ الْقُوَّةِ جَاهَدُوا عَدُوَّهُمْ وَ عَالَجُوا مَعَاشَهُمْ وَ بِرُوحِ الشَّهْوَةِ أَصَابُوا لَذِيذَ الطَّعَامِ وَ نَكَحُوا الْحَلَالَ مِنْ شَبَابِ النِّسَاءِ وَ بِرُوحِ الْبَدَنِ دَبُّوا وَ دَرَجُوا فَهَؤُلَاءِ مَغْفُورٌ لَهُمْ مَصْفُوحٌ عَنْ ذُنُوبِهِمْ
ثُمَّ قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ
تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ
ثُمَّ قَالَ فِي جَمَاعَتِهِمْ وَ
أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ
يَقُولُ أَكْرَمَهُمْ بِهَا فَفَضَّلَهُمْ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ فَهَؤُلَاءِ مَغْفُورٌ لَهُمْ مَصْفُوحٌ عَنْ ذُنُوبِهِمْ ثُمَّ ذَكَرَ أَصْحَابَ الْمَيْمَنَةِ وَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً بِأَعْيَانِهِمْ جَعَلَ اللَّهُ فِيهِمْ أَرْبَعَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْإِيمَانِ وَ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْبَدَنِ فَلَا يَزَالُ الْعَبْديَسْتَكْمِلُ هَذِهِ الْأَرْوَاحَ الْأَرْبَعَةَ حَتَّى تَأْتِيَ عَلَيْهِ حَالَاتٌ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا هَذِهِ الْحَالَاتُ فَقَالَ أَمَّا أُولَاهُنَّ فَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ
وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً
فَهَذَا يَنْتَقِصُ مِنْهُ جَمِيعُ الْأَرْوَاحِ وَ لَيْسَ بِالَّذِي يَخْرُجُ مِنْ دِينِ اللَّهِ لِأَنَّ الْفَاعِلَ بِهِ رَدَّهُ إِلَى أَرْذَلِ عُمُرِهِ فَهُوَ لَا يَعْرِفُ لِلصَّلَاةِ وَقْتاً وَ لَا يَسْتَطِيعُ التَّهَجُّدَ بِاللَّيْلِ وَ لَا بِالنَّهَارِ وَ لَا الْقِيَامَ فِي الصَّفِّ مَعَ النَّاسِ فَهَذَا نُقْصَانٌ مِنْ رُوحِ الْإِيمَانِ وَ لَيْسَ يَضُرُّهُ شَيْئاً وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَقِصُ مِنْهُ رُوحُ الْقُوَّةِ فَلَا يَسْتَطِيعُ جِهَادَ عَدُوِّهِ وَ لَا يَسْتَطِيعُ طَلَبَ الْمَعِيشَةِ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَقِصُ مِنْهُ رُوحُ الشَّهْوَةِ فَلَوْ مَرَّتْ بِهِ أَصْبَحُ بَنَاتِ آدَمَ لَمْ يَحِنَّ إِلَيْهَا وَ لَمْ يَقُمْ وَ تَبْقَى رُوحُ الْبَدَنِ فِيهِ فَهُوَ يَدِبُّ وَ يَدْرُجُ حَتَّى يَأْتِيَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَهَذَا الْحَالُ خَيْرٌ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ هُوَ الْفَاعِلُ بِهِ وَ قَدْ تَأْتِي عَلَيْهِ حَالَاتٌ فِي قُوَّتِهِ وَ شَبَابِهِ فَيَهُمُّ بِالْخَطِيئَةِ
فَيُشَجِّعُهُ رُوحُ الْقُوَّةِ وَ يُزَيِّنُ لَهُ رُوحُ الشَّهْوَةِ وَ يَقُودُهُ رُوحُ الْبَدَنِ حَتَّى تُوْقِعَهُ فِي الْخَطِيئَةِ فَإِذَا لَامَسَهَا نَقَصَ مِنَ الْإِيمَانِ وَ تَفَصَّى مِنْهُ فَلَيْسَ يَعُودُ فِيهِ حَتَّى يَتُوبَ فَإِذَا تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ إِنْ عَادَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ نَارَ جَهَنَّمَ فَأَمَّا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ فَهُمُ الْيَهُودُ وَ النَّصَارَى يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ
الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ
يَعْرِفُونَ مُحَمَّداً وَ الْوَلَايَةَ فِي التَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ أَنَّكَ الرَّسُولُ إِلَيْهِمْ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ
فَلَمَّا جَحَدُوا مَا عَرَفُوا ابْتَلَاهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ فَسَلَبَهُمْ رُوحَ الْإِيمَانِ وَ أَسْكَنَ أَبْدَانَهُمْ ثَلَاثَةَ أَرْوَاحٍ رُوحَ الْقُوَّةِ وَ رُوحَ الشَّهْوَةِ وَ رُوحَ الْبَدَنِ ثُمَّ أَضَافَهُمْ إِلَى الْأَنْعَامِ فَقَالَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ لِأَنَّ الدَّابَّةَ إِنَّمَا تَحْمِلُ بِرُوحِ الْقُوَّةِ وَ تَعْتَلِفُ بِرُوحِ الشَّهْوَةِ وَ تَسِيرُ بِرُوحِ الْبَدَنِ فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ أَحْيَيْتَ قَلْبِي بِإِذْنِ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ